كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

لا يسمون محدثًا إلّا ما كان كذلك، فهؤلاء كلهم يقولون: من قال: إنه محدث كان معنى قوله: إنه مخلوق، ولزمه القوله بأنه مخلوق.
فهذا (¬1) أحد الوجهين للإنكار على داود الأصبهاني وغيره ممن قال: إنه محدث (¬2) وأطلق القوله بذلك، وإن كان داود وأبو معاذ وغيرهما لم يريدوا بقولهم: إنه محدث أنَّه بائن عن الله، كما يريد الذين يقولون: إنه مخلوق، بل مذهب (¬3) داود وغيره ممن قال: إنه محدث وليس بمخلوق من أهل الإثبات: إنه هو الذي تكلم به، وإنه قائم به (¬4) ليس بمخلوق منفصل عنه، ولعل هذا كان (¬5) مستند داود في قوله لعبد الله: أحب أن تعذرني عنده، وتقوله له: ليس هذا مقالتي، أو ليس كما قيل لك، فإنَّه قد يكون قصد بذلك أني لا أقول: إنه محدث بالمعنى الذي فهموه وأفهموه -وهو أنَّه مخلوق- وليس هذا مذهبي، ولم يقبل أحمد قوله، لأنَّ هذا القول منكر، ولو فسره بهذا التفسير لما ذكرناه (¬6)، ولأنه أنكر مطلقًا، فلم يقر باللفظ الذي قاله، وقد قامت عليه البينة به، فلم يقبل إنكاره بعد الشهادة عليه، ولأنه أظهر مع هذه البدعة بدعة أخرى وهي: إباحة التحليل (¬7)، وهو مذهبه، وأهل الحديث لم يكونوا
¬__________
(¬1) في س، ط: فهو. وتقدم ذكر الوجه الأول في ص: 344.
(¬2) في الأصل: مخلوق. والمثبت من: س، ط.
(¬3) في س، ط: ذهب.
(¬4) في س، ط: بذاته.
(¬5) كان: ساقطة من: س.
(¬6) من أن طوائف من أهل الكلام والفقه والحديث والتصوف يقولون: المحدث هو المخلوق في غيره، ولا يسمون محدثًا إلَّا ما كان كذلك، فمن قال: إنه محدث كان معنى قوله إنه مخلوق.
(¬7) وهي قوله بجواز تحليل المطلقة ثلاثًا لزوجها الأول من الزوج الثَّاني، إذا لم يعلم الزوجان، وقد نقل رأيه هذا في هذه المسألة القرطبي في تفسيره 3/ 150 فقال: ". . وقال سالم والقاسم: لا بأس أن يتزوجها ليحلها إذا لم يعلم =

الصفحة 425