كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

قالوا: إن الحروف تسمى كلامًا مجازًا أو بطريق (¬1) الاشتراك [بينها وبين المعاني، لأنها وإن سميت كلامًا بطريق الاشتراك (¬2)] (¬3) فالكلام عندهم وعند الجماعة لا بد أن يقوم بالمتكلم، فيصح على حد قولهم (¬4) أن تكون الحروف والأصوات كلامًا للعباد حقيقة، لقيامها بهم، ولا يصح أن تكون (¬5) كلامًا لله حقيقة، لأنَّها لا تقوم به عندهم بحال، فلو قال أحد منهم: إن الحروف التي يخلقها الله في الهواء تسمى كلامًا له حقيقة، أو إن ما يسمع من العباد، أو يوجد في المصاحف يسمى كلام الله حقيقة لزمه (¬6) أن يجعل مسمى الكلام ما لا يقوم بالمتكلم، بل يكون دلالة على ما يقوم بالمتكلم وإن كان مخلوقًا له، وهذا ما وجدته لهم، وهو ممكن أن يقال، لكن متى قالوه انتقض (¬7) عليهم عامة الحجج التي أبطلوا بها مذهب المعتزلة وصار للمعتزلة عليهم حجة قوية.
وقد يحكي الآخرون عن الأولين: أنهم يستهينون بالمصاحف، فيطؤونها، وينامون عليها (¬8) ويجعلونها مع نعالهم، وربما كتبوا القرآن بالعذرة، وغير ذلك ممَّا هو من أفعال المنافقين الملحدين، وهذا يوجد في أهل الجفاء والغلو منهم، لما ألقى عليهم (¬9) أئمتهم أن هذا ليس هو كلام الله، صاروا يفرعون على ذلك فروعًا من عندهم، لم يأمرهم بها
¬__________
(¬1) في س: وبطريق.
(¬2) في س: الاشتراط. وهو تصحيف.
(¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬4) في الأصل: أحد قوليهم. وفي س، ط: أحد قولهم. ولعل ما أثبت يستقيم به الكلام.
(¬5) في الأصل، س: يكون. والمثبت من: ط.
(¬6) في س، ط: للزمه.
(¬7) في س: أن يقضي.
(¬8) في الأصل: عليهم. والمثبت من: س، ط.
(¬9) في س، ط: إليهم.

الصفحة 439