كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

والنور، وهذا هو (¬1) الكمال في الكلام أن يتكلم المتكلم إذا شاء، فأما العاجز عن الكلام فهو ناقص قبيح، وأما الَّذي يلزمه الكلام ولا يتعلق بمشيئته واختياره فإنه يكون -أيضًا- عاجزًا ناقصًا، كالذي يصوت بغير اختياره، كالأصوات الدائمة التي تلزم الجمادات بغير اختيارها، مثل النواعير (¬2).
ولما أقام الحجة بتكليم الله تعالى موسى، وأنه تكلم ويتكلم، وأن ذلك ممكن، من غير حاجة إلى جوف وفم وشفتين ولسان، إذا (¬3) كان من المخلوقات ما (¬4) يتكلم، وينطقها الله - تعالى - بدون حاجة إلى ذلك، فالخالق - سبحانه - أولى بالغناء من المخلوق، إذ كل ما ثبت للمخلوق من صفة كمال كالغناء، فالله - تعالى - أولى به، فالله - سبحانه - أحق بالاستغناء عن ما استغنت عنه المخلوقات في كلامها، ذكر أن الجهمي لما خنقته الحجج قال (¬5): إن الله كلم موسى إلّا أن كلامه غيره.
قلنا: غيره مخلوق؟
قال: نعم.
قلنا: هذا مثل قولكم الأول، إلّا أنكم تدفعون الشنعة عن أنفسكم (¬6) بما تظهرون.
¬__________
(¬1) هو: ساقطة من: س.
(¬2) النواعير: جمع ناعور، وهو آلة يسقى بها يديرها الماء ولها صوت. والناعورة: الدولاب.
انظر: لسان العرب -لابن منظور - (5/ 22) (نعر).
(¬3) في س: إذ.
(¬4) في ط، "و".
(¬5) الرد على الجهمية: ص: 132.
(¬6) في الرد على الجهمية: تدفعون عن أنفسكم الشنعة. . .

الصفحة 504