كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

أهل الأرض في ذلك، وأن المتفلسفة تزعم أن كلام الله ليس له وجود إلَّا في نفوس (¬1) الأنبياء تفيض (¬2) عليهم المعاني من العقل الفعال، فيصير في نفوسهم حروفًا، كما أن ملائكة (¬3) الله عندهم ما يحدث في نفوس الأنبياء من الصور النورانية، وهذا من جنس قول فيلسوف (¬4) قريش: الوليد بن المغيرة {إِنْ هَذَا إلا قَوْلُ الْبَشَرِ} (¬5).
فحقيقة قولهم: إن القرآن تصنيف الرسول الكريم، لكنه كلام شريف صادر عن نفس صافية.
وهؤلاء هم (¬6) الصابئية (¬7)، فتقربت منهم الجهمية فقالوا: إن الله لم يتكلم ولا يتكلم ولا قام به كلام، وإنما كلامه ما يخلقه في الهواء أو غيره، فأخذ (¬8) ببعض ذلك قوم من متكلمة الصفاتية فقالوا: بل نصْفُه -وهو المعنى- كلام الله، ونصفه -وهو الحروف- ليس كلام الله، بل هو خلق من خلقه.
وقد تنازع الصفاتية القائلون بأن القرآن غير مخلوق، هل يقال: إنه قديم لم يزل ولم يتعلق بمشيئته؟ أم يقال: يتكلم إذا شاء ويسكت إذا شاء؟ على قولين مشهورين في ذلك، ذكرهما الحارث المحاسبي (¬9) عن
¬__________
= الله الكريم 1/ 3 / 358، 359 - 368، 372 - 382، 454 - 464.
(¬1) في س: إلا نفوس.
(¬2) في ط: تفاض.
(¬3) في الأصل: الملائكة. والمثبت من: س، ط.
(¬4) في الأصل: فيلفوس. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(¬5) سورة المدثر، الآية: 25.
(¬6) هم: ساقطة من: س.
(¬7) في س، ط: الصابئة.
(¬8) في س: فأخذه.
(¬9) ذكر الحارث المحاسبي القولين عن أهل السنة في كتاب "فهم القرآن" ص: 345 ورجح قول ابن كلاب في هذه المسألة، ولهذا أمر الإمام أحمد -رحمه الله- =

الصفحة 543