ويقولون: إنا نقول يقول الخوارج، ثم تبسم أبو عبد الله كالمغتاظ ثم قال: هؤلاء قوم سوء.
ثم قال أبو عبد الله لعباس: وذاك السجستاني الذي عندكم بالبصرة ذاك الخبيث، بلغني أنه قد وضع في هذا -أيضًا- يقول: لا أقول مخلوق ولا غير مخلوق، ذاك خبيث، ذاك الأحول. فقال العباس: كان يقول مرة بقول جهم، ثم صار إلى أن يقول بهذا القول، فقال أبو عبد الله: ما بلغني أنه كان يقول يقول جهم إلّا الساعة).
فقول الإِمام أحمد: إذا زعموا أن القرآن مخلوق فقد زعموا أن أسماء الله مخلوقة، وأن علم الله مخلوق يبين (¬1) أن العلم الذي تضمنه القرآن داخل في مسمى القرآن، وقد نبهنا -فيما تقدم- على أن كل كلام حق فإن العلم أصل معناه.
فإن كان قد ينضم إلى العلم معنى الحب والبغض، وذلك أن الكلام خبر (¬2) وطلب، أما الخبر الحق فإن معناه علم بلا ريب، وأما الإنشاء كالأمر والنهي فإنه مسبوق بتصور المأمور والمأمور به وغير ذلك، فالعلم -أيضًا- أصله، واسم القرآن والكلام يتضمن هذا كله، فقول القائل: القرآن مخلوق يتضمن أن علم الله مخلوق، وكذلك أسماء الله هي في القرآن، فمن قال هو مخلوق، والمخلوق هو الصوت القائم (¬3) ببعض الأجسام، يكون ذلك الجسم هو الذي سمى الله بتلك الأسماء، ولم يكن قبل ذلك الجسم وصوته لله اسم، بل يكون ذلك الاسم قد نحله إياه ذلك الجسم.
¬__________
(¬1) في الأصل، س: تبين. والكلام يستقيم بالمثبت من: ط. لأن الضمير يعود إلى قول الإِمام أحمد.
(¬2) في س: خبرا.
(¬3) في الأصل: والمخلوق أسماء الله القائم. والمثبت من: س، ط. وهو ما يدل عليه سياق الكلام.