الله كان، وما لم يشأ لم يكن، وتلك الإرادة ليست (¬1) هي الإرادة التي هي مدلول الأمر والنهي فإن هذه الإرادة مستلزمة للمحبة والرضا.
وقد فرق الله تعالى بين الإرادتين (¬2) في كتابه، فقال في الأولى: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} (¬3) وقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ} (¬4)، وقال: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (¬5)، وقال في الثَّانية: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (¬6)، وقال: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إلا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ} (¬7)، وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ
¬__________
(¬1) في الأصل: ليس. والمثبت من: س، ط.
(¬2) المحققون من أهل السنة يقولون: الإرادة في كتاب الله نوعان:
الأولى: إرادة قدرية كونية خلقية، وهي المشيئة الشاملة لجميع الموجودات، فهي المذكورة في قول المسلمين: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
والثانية: إرادة دينية شرعية أمرية، وهي المتضمنة للمحبة والرضا، فهي المذكورة في قول النَّاس لمن يفعل القبائح: هذا يفعل ما لم يرده الله؛ أي: لا يحبه ولا يرضاه ولا يأمر به.
وقد مثل الشَّيخ -رحمه الله- للنوعين من كتاب الله في المتن.
انظر: منهاج السنة النبوية لابن تيمية 2/ 34، 35.
وشرح الطحاوية -لصدر الدين الحنفي- ص: 116، 117.
(¬3) سورة الأنعام، الآية: 125.
(¬4) سورة المائدة، الآية: 41.
(¬5) سورة هود، الآية: 34.
(¬6) سورة البقرة، الآية: 185.
(¬7) سورة المائدة، الآية: 1.