كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

يَفْقَهُونَ} (¬1)، وهذا القول أورده (¬2) الرازي سؤالًا في مسألة وحدة الكلام، كما تقدم لفظه في ذلك (¬3).
وأجاب عنه بما ذكره من قوله: ليس هذا بشيء، لأنَّ حقيقة الطّلب كحقيقة حكم الذهن بنسبة أمر إلى أمر، وتلك المغايرة معلومة بالضرورة، ولهذا يتطرق (¬4) التصديق والتكذيب إلى أحدهما دون الآخر.
وهذا الذي ذكره من الفرق صحيح كما ذكرناه، ونحن إنَّما ذكرناه لتوكيد الوجه الأول وهو المقصود هنا، وهو أن يقال: إن معنى الخبر هو العلم، وبابه (¬5) من الاعتقاد ونحو ذلك، فإن هذا قاله طوائف، بل أكثر النَّاس، بل عامة النَّاس يقولون ذلك، ولا تجد النَّاس في نفوسهم شيئًا (¬6) غير ذلك يكون (¬7) معنى الخبر، وكون معنى الخبر هو العلم أو نوع منه أظهر من كون الطّلب هو الإرادة أو نوعها منها (¬8)، لأنَّه هناك أمكنهم دعوى الفرق بأنَّ الله قد أمر بمأمورات، وهو لم يرد وجودها، كما أمر به من لم يطعه (¬9)، وهذا متَّفقٌ عليه بين أهل الإثبات، وإنَّما تنازع فيه القدرية (¬10)، ثم كون الأمر مستلزمًا لإرادة ليست هي إرادة الوقوع كلام
¬__________
(¬1) سورة التوبة، الآية: 127.
في الأصل: سقطت كلمة (سورة) من الآية.
(¬2) في س، ط: قد أورده.
(¬3) راجع ص: 464، 465.
(¬4) في الأصل: يطرق. والمثبت من: س، ط. وتقدمت في كلام الرازي.
(¬5) في س، ط: وبأنه.
(¬6) في الأصل: جنسًا. وفي س: حسًّا. وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: ط.
(¬7) في الأصل، س: يكون. وأثبت المناسب للمعنى من: ط.
(¬8) كذا في جميع النسخ. والمراد في هذا الموضع أن الطّلب نوع من الإرادة.
(¬9) في الأصل: يعطه. ولا معنى لها. والمثبت من: س، ط.
(¬10) وللاطلاع على نزاعهم ومناقشته يراجع: أصول الدين -للقاضي عبد الجبار- ص: 196. وشرح الطحاوية -لصدر الدين الحنفي- ص: 115 - 119. =

الصفحة 639