كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

معنى الخبر هو الحكم الذهني، الذي انفردوا بإثباته دون سائر العقلاء (¬1).
وأمَّا أبو المعالي ونحوه، فلم يذكروا دليلًا على إثبات كلام النَّفس سوى ما دل على ثبوت الطّلب الذي ادعوا أنَّه مغاير (¬2) للإرادة، وذلك إن دل فإنَّما يدل على أن معنى الأمر غير الإرادة لا يدل (¬3) على أن معنى الخبر غير العلم، لكن استدل على ثبوت التصديق النفساني بأنه مدلول المعجزة، ولم يبين أنَّه غير العلم.
فيقال لهم: أنتم مصرحون بنقيض هذا، وهو أنَّه -يمتنع بثبوت الحكم الذهني على خلاف العلم وأنه إن جاز وجوده فليس هو كلامًا على التحقيق، وإذا نفيتم (¬4) وجود هذا الحكم الذهني المخالف للعلم أو كونه
¬__________
(¬1) الرازي ذكر في المحصول في علم أصول الفقه 2/ 1 / 307 - 314 الأقوال في حد الخبر، وناقشها مناقشة توصل من خلالها إلى أنها تعريفات رديئة باطلة.
ثم قال في ص: 315، 316: "وإذا ثبت هذا فنقول: إن كان المراد من الخبر هو الحكم الذهني، فلا شك أن تصوره -في الجملة- بديهي، مركوز في فطرة العقل.
وإن كان المراد منه اللفظة الدّالة على الماهية، فالإشكال غير وارد -أيضًا- لأنَّ مطلق اللفظ الدال على المعنى البديهي التصور يكون -أيضًا- بديهي التصور".
(¬2) في س: ادعوه مغايرًا.
يقول أبو المعالي الجويني في كتابه "البرهان في أصول الفقه" 1/ 200، 201: "نقول: الآمر يجد في نفسه اقتضاء وطلبًا للمأمور به، والصيغة التي تتضمنها دالة عليه، وهذا المعني بكلام النَّفس.
فإن قيل: ذلك الذي سميتموه اقتضاء، هو إرادة امتثال الأمر.
قلنا: قد يأمر الآمر غيره، ويفهم المأمور منه الاقتضاء فهمًا ضروريًّا، مستندًا إلى قرائن الأحوال، والآمر يريد من المأمور أن يخالفه لغرض له".
(¬3) في الأصل: لا دل.
(¬4) في الأصل، س: تقسم.

الصفحة 642