كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

يختلفوا في ترك العناد شرطًا (¬1)، وهو أن يعتقد أنَّه متى طولب بالإقرار أتى به، فأما قبل أن يطالب به، مثهم من قال: لا بد من الإتيان به حتَّى يكون مؤمنًا، وهذا القائل يقول: التصديق هو المعرفة والإقرار جميعًا، وهذا قول الحسين بن الفضل البجلي (¬2)، وهو مذهب أبي حنيفة
¬__________
(¬1) كذا في جميع النسخ. ولعل الصواب "شرعًا".
وقد نقل شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتابه "الإيمان" ص: 123، عن أبي المعالي الجويني -كذا في كتاب الإيمان، ولعل الصواب عن أبي القاسم الأنصاري، وقد رجعت إلى كتاب الإرشاد لأبي المعالي باب في الأسماء والأحكام فصل في معنى الإيمان فلم أجد هذا النقل- ص: 396 - 400 وهذا النقل في كتاب الإيمان بعد النقل مباشرة عن أبي القاسم المتقدم في ص: 504 - قوله: "ومنهم من اكتفى بترك العناد، فلم يجعل الإقرار أحد ركني الإيمان فيقول: الإيمان هو التصديق بالقلب، وأوجب ترك العناد بالشرع، وعلى هذا الأصل يجوز أن يعرف الكافر الله، وإنما يكفر بالعناد، لا لأنه ترك ما هو الأهم في الإيمان.
وعلى هذا الأصل يقال: إن اليهود كانوا عالمين بالله ونبوة محمد - صلى الله عليه وسلم - إلّا أنهم كفروا عنادًا وبغيًا وحسدًا، وعلى قول شيخنا أبي الحسن: كل من حكمنا بكفره فنقول: إنه لا يعرف الله أصلًا، ولا عرف رسوله ولا دينه".
ثم قال الشيخ -رحمه الله-: "قال أبو القاسم الأنصاري تلميذه: كأن المعنى لا حكم لإيمانه ولا لمعرفته شرعًا".
وعلق على ذلك شيخ الإسلام -رحمه الله- في المصدر السابق ص: 123، 124 بقوله: "قلت: وليس الأمر على هذا القول كما قاله الأنصاري هذا، ولكن على قولهم: المعاند كافر شرعًا، فيجعل الكفر تارة بانتفاء الإيمان الَّذي في القلب وتارة بالعناد، ويجعل هذا كافرًا في الشرع وإن كان معه حقيقة الإيمان الَّذي هو التصديق، ويلزمه أن يكون كافرًا في الشرع، مع أن معه الإيمان الَّذي هو مثل إيمان الأنبياء والملائكة، والحذاق في هذا المذهب، كأبي الحسن، والقاضي ومن قبلهم من أتباع جهم، عرفوا أن هذا تناقض يفسد الأصل، فقالوا: لا يكون واحد كافرًا إلَّا إذا ذهب ما في قلبه من التصديق، والتزموا أن كل من حكم الشرع بكفره، فإنه ليس في قلبه شيء من معرفة الله ولا معرفة رسوله، ولهذا أنكر عليهم جماهير العقلاء، وقالوا: هذا مكابرة وسفسطة".
(¬2) هو: أبو علي الحسين بن الفضل بن عمير البجلي الكوفي، ثم النيسابوري الإمام =

الصفحة 656