في حقه (¬1)، فعلم أنهم مع التناقض لم يثبتوا لا (¬2) الكلام النفساني ولا صدقه، فلم يثبتوا واحدًا من المتناقضين.
فإن قيل: كيف يخلو الأمر عن النقيضين ويمكن رفعهما جميعًا؟
قيل: هذا لا يمكن في الحقائق الثابتة (¬3)، ولكن يمكن في المقدرات الممتنعة، فإن من فرض تقديرًا ممتنعًا لزمه اجتماع النقيضين وانتفاؤهما (¬4)، وذلك محال، لأنه لازم للمحال الَّذي قدره، وهذا دليل آخر وهو:
الوجه الثامن عشر:
وهو أنهم أثبتوا للخبر معنى ليس هو العلم وبابه، فهذا إثبات أمر ممتنع، وإذا كان ممتنعًا من صفة بأنه صدق أو كذب ممتنع - أيضًا إذ (¬5) لا حقيقة له، فقولهم بعد هذا: العلم يستلزم الصدق منه وينافي الكذب، وإن كان يناقض قولهم: العلم لا يستلزم الصدق ولا ينافي الكذب، فهذان النقيضان كلاهما منتف، لأن كليهما (¬6) إنما يلزم على تقدير ثبوت معنى للخبر ليس هو العلم وبابه، فإذا كان ذلك تقديرًا باطلًا ممتنعًا كان ما يلزمه من نفي أو إثبات قد يكون باطلًا، إذ حاصله لزوم [اجتماع] (¬7) النقيضين، ولزوم (¬8) الخلو عن النقيضين على هذا التقدير وهذه اللوازم تدل على فساد الملزوم الَّذي هو معنى للخبر ليس هو العلم ونحوه،
¬__________
(¬1) في الأصل، س: حق. والمثبت من: ط.
(¬2) في الأصل: إلا. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(¬3) في س: الثانية. وهو خطأ.
(¬4) في س: وانتفائهما. وفي ط: وانتفاؤها.
(¬5) إذ: ساقطة من: س، ط.
(¬6) في جميع النسخ: كلاهما. وهو خطأ على القياس.
(¬7) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬8) في س، ط: لزم.