كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

خلاف ما في قلوبهم، وقد أخبر الله في كتابه أنهم ليسوا بمكذبين بما علموه، أي: مكذبين بقلوبهم وإن لم يكونوا مؤمنين مقرين مصدقين إذ (¬1) العبد يخلو في الشيء الواحد عن التصديق والتكذيب، والكفر أعم من التكذيب، فكل من كذب الرسول كافر وليس كل كافر مكذبًا، بل من يعلم (¬2) صدقه ويقر به، وهو مع ذلك يبغضه أو يعاديه كافر (¬3)، ومن (¬4) أعرض فليس (¬5) يعتقد لا صدقه ولا كذبه كافر، وليس بمكذب، وكذلك العالم بالشيء قد يخلو عن التكذيب به (¬6) عن التصديق به الَّذي هو مستلزم لعمل القلب، وإن لم يخل (¬7) عن التصديق الَّذي هو مجرد علم القلب. فأما أن يقوم بالقلب تصديق قولي غير العلم فهذا الَّذي ادعاه هؤلاء الشذاذ عن الجماعة، وهو مورد النزاع.
ولهذا قال الجنيد بن محمد (¬8): "التوحيد قول القلب، والتوكل عمل القلب" (¬9).
¬__________
(¬1) في س: إذا.
(¬2) في الأصل، س: تعلم. وأثبت المناسب لسياق الكلام من: ط. وهو نهاية التمزق المشار إليه في ص: 670، فقد سقط ما بين كلمة "كل كافر" وكلمة "يعلم"، وظهرت كلمات مقلوبة من الورقة اللاحقة.
(¬3) في س: كافرًا.
(¬4) في ط: أو من.
(¬5) في س، ط: فلم.
(¬6) به: ساقطة من: س، ط.
(¬7) في الأصل، س: وأن لا يخلوا. وأثبت ما يصير به الكلام مفهوما من: ط.
(¬8) هو: أبو القاسم الجنيد بن محمد بن جنيد الخزاز، ويقال: القواريري، شيخ الصوفية، أصله من نهاوند وولد ونشأ ببغداد، وسمع بها الحديث وتفقه على أبي ثور، واشتهر بصحبة الحارث المحاسبي، توفي سنة 298 هـ.
انظر: تاريخ بغداد -للبغدادي- 7/ 241 - 249. والمنتظم -لابن الجوزي- 6/ 105، 106. والبداية والنهاية -لابن كثير- 11/ 128، 129.
(¬9) قول الجنيد ذكره أبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء وطبقات الأصفياء =

الصفحة 674