وأيضًا ففيهم من لا يكفر الأمة بخلافه ولا يستحل (¬1) السيف، وفيهم من قد بعدت عليهم الحجة وجهلوا أصل القول، وقول (¬2) الدعاة إلى الكتاب والسنة، وظهور ذلك فمن هنا كان حال فروع الجهمية قد يكون أخف من حال الخوارج، وإلا فقولهم في نفسه أخبث (¬3) من قول الخوارج بكثير، وإذا كان يونس بن عبيد (¬4) قد قال عن المعتزلة: إن فتنتهم أضر على الأمة من فتنة الأزارقة (¬5)، والمعتزلة جهمية، علم أن السلف كانوا يعلمون أن الجهمية شر من الخوارج".
قال الطبراني (¬6) في كتابه السنة: "حدثنا الحسن بن علي
¬__________
(¬1) في الأصل، س: يستحيل. وأثبت ما رأيته مناسبًا للكلام من: ط.
(¬2) في الأصل، س: قل. وأثبت ما يستقيم به الكلام من: ط.
(¬3) في ط: أحنث. وهو تصحيف.
(¬4) هو: أبو عبد الله يونس بن عبيد بن دينار العبدي، من فضلاء التابعين، روى عنه الحمادان والسفيانان وغيرهم. قال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث. توفي سنة 139 هـ.
راجع: الطبقات الكبرى -لابن سعد- 7/ 260. وتذكرة الحفاظ -للذهبي- 1/ 145، 146. وتهذيب التهذيب -لابن حجر- 11/ 442 - 445.
(¬5) هم أتباع نافع بن الأزرق الحنفي -الَّذي كان أول خروجه بالبصرة في عهد عبد الله بن الزبير- ولم تكن للخوارج فرقة أكثر عددًا، ولا أشد منهم شوكة، لهم مقالات فارقوا بها الخوارج كقولهم: إن من خالفهم من هذه الأمة فهو مشرك، وديارهم ديار كفر، وأن قتل نسائهم وأطفالهم مباح، إلى غير ذلك من ضلالاتهم.
انظر: المعارف -لابن قتيبة- ص: 622. ومقالات الإسلاميين -للأشعري- 1/ 168 - 174. والتبصير في الدين -للإسفراييني- ص: 49 - 51. والفرق بين الفرق -للبغدادي- ص: 82 - 87.
(¬6) تقدم الكلام على الطبراني وكتابه "السنة" ص: 365. وقول يونس بن عبيد، أورده أبو نعيم في "الحلية" 3/ 21 بالسند الَّذي ذكره الشيخ -رحمه الله- وتمامه: ". . ويجب على الإمام أن يستتيبهم، فإن تابوا وإلا نفاهم من ديار المسلمين".