كتاب التسعينية (اسم الجزء: 2)

وغيره من المحققين (¬1)، فيكون -سبحانه- قد أمر بشيء ونهى عن نفس ما أمر به، كما في قصة الذبيح (¬2)، والأمر (¬3) بالشيء مضاد للنهي عنه في فطر العقول أعظم من مضادة السواد للبياض، فإذا كانوا يلتزمون مثل ذلك
¬__________
= النبلاء -للذهبي- 19/ 322 - 346. والبداية والنهاية -لابن كثير- 12/ 187، 188.
والغزالي يرى: أن الله متكلم بكلام أزلي قديم قائم بذاته، لا يقبل الانفصال والافتراق بالانتقال إلى القلوب والأوراق، وليس بحرف ولا صوت، وموسى - عليه السلام - سمع كلام الله بغير صوت ولا حرف، فلا يثبت في حق الله تعالى إلَّا كلام النفس.
انظر: الأربعين في أصول الدين- ص: 17. والاقتصاد في الاعتقاد - ص: 139 - 149. وكلاهما للغزالي.
(¬1) يقول الرازي في حد النسخ في "المحصول" 1/ 3 / 423: "الذي ذكره القاضي أبو بكر، واقتضاه الغزالي -رحمهما الله- أنه الخطاب الدال على ارتفاع الحكم الثابت بالخطاب المتقدم على وجه لولاه لكان ثابتًا مع تراخيه عنه".
وانظر: رأي الغزالي في كتابه "المستصفى في علم الأصول" 1/ 107.
(¬2) قصة الذبيح: ذكرها الله تعالى بقوله: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} 102 - 107 / الصافات.
يقول ابن كثير عند تفسيره لهذه الآيات: 4/ 16: "وقد استدل بهذه الآية والقصة جماعة من علماء الأصول على صحة النسخ قبل التمكن من الفعل خلافًا لطائفة من المعتزلة، والدلالة من هذه ظاهرة، لأن الله شرع لإبراهيم -عليه السلام- ذبح ولده، ثم نسخه عنه وصرفه إلى الفداء".
وجواز نسخ الأمر قبل التمكن من الامتثال وأدلة ذلك، ومناقشة أدلة المعتزلة وبيان تعسفهم في التأويل بينه ابن قدامة المقدسي في: روضة الناظر وجنة المناظر ص: 39 - 41.
(¬3) في س: إلا أمر. وهو تصحيف.

الصفحة 738