يمتنع [عليها البقاء، بخلاف صفات الله الواجبة له، كما أن ذات (¬1) الجواهر المخلوقة تقبل العدم، والرب -سبحانه- واجب الوجود بنفسه يمتنع] (¬2) عليه العدم.
وبهذا يظهر أنه لم يذكر دليلًا على حدوث الجواهر -أيضًا- كما لم يذكر دليلًا على امتناع قيام الحوادث بالرب، فإن دليله مبني على أربع مقدمات: ثبوت الأعراض [وثبوت أنها جميعًا حادثة، وأن الجوهر لا يخلو منها، وأنه يمتنع حوادث لا أول لها (¬3)، وهو لم يثبت من الأعراض] (¬4) اللازمة للجواهر إلّا الأكوان، الاجتماع والافتراق، ولم (¬5) يثبت حدوثها إلّا بقبولها العدم، فما لم (¬6) يثبت عدمه لم يعلم حدوثه، ولم يثبت جواز تفرق كل الأجسام، مع أن الحجة المذكورة في أن ما ثبت عدمه امتنع قدمه، فيها كلام ليس هذا موضعه.
والمقصود هنا: الكلام في مسألة حلول الحوادث التي جعلتها الجهمية من المعتزلة ومن اتبعهم من الأشعرية وغيرهم، أصلًا عظيمًا في تعطيل ما جاء في الكتاب والسنة من ذلك، كقوله: {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} (¬7) {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} (¬8)، وغير ذلك، ثم أنه -سبحانه- يقبل أن يفعل بعد أن لم يكن فاعلًا، والقول بأن فاعلًا يفعل وحاله قبل الفعل
¬__________
(¬1) في ط: ذوات.
(¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬3) وهذه المقدمات هي الأصول التي بنى الجويني عليها حدث الجواهر. وتقدمت الإشارة إليها في ص: 762، وفي الإرشاد: ص: 17، 18.
(¬4) ما بين المعقوفتين كرر في: س، وهو سهو من الناسخ.
(¬5) في س: وهي لم. وفي ط: وهو لم.
(¬6) في الأصل: فعالم. وهو تصحيف. والمثبت من: س، ط.
(¬7) سورة الحديد، الآية: 4.
(¬8) سورة فصلت، الآية: 11.