كتاب التسعينية (اسم الجزء: 3)

ما دلت عليه من الصفات والمسمى واحد؟ وأما الكلام فيكون معنى هذا الكلام ليس هو معنى الآخر، وينبغي أن يعلم أنه ليس مقصودنا عموم النفي، بل مقصودنا نفي العموم، فإنا (¬1) لا ننكر أن الكلامين قد يتفقان في المعنى، وقد ينزل الله -سبحانه- على نبي بلغته (¬2) المعنى الذي أنزله على الآخر، فيكون المعنى واحدًا واللفظ مختلفًا، هذا (¬3) كثير جدًّا، فإنا نحن لم ننكر أن معاني الألفاظ تتفق، لكن المنكر أن يقال: جميع معاني ألفاظ الكتب متفقة، وهي معنى واحد، وإن معنى ما أنزل على هذا النبي هو بعينه ذلك المعنى، وأن جميع ألفاظ القرآن معناها واحد، ومعنى آية (¬4) الدين، ومعنى آية الكرسي، وإذ معنى {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} معنى {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} ومعنى المعوذتين، وهذا لو عرض على من له أدنى تمييز من الصبيان لعلم ببديهة عقله أنه من أعظم الباطل، فتدبر كيف ضلوا في زعمهم أن معاني (¬5) أسماء الله معنى واحد (¬6)، لاتحاد المسمى، ثم ضلوا أعظم ضلالة (¬7) في أن كلام الله الذي أنزله معناه (¬8).
واحد (¬9)، وإنما اختلف (¬10) أسماؤه لاختلاف الألسنة، وشبهوه بالأسماء، فلو كان الكلام معنى واحدًا وله صفات متعددة، لكانوا قد
¬__________
(¬1) في الأصل، س: فإنه. والمثبت من: ط. للتناسب مع ضمير المتكلمين السابق.
(¬2) في س، ط: بلغة.
(¬3) في ط: وهذا.
(¬4) في ط: سورة.
(¬5) في س، ط: معنى.
(¬6) في الأصل، س: واحدًا. وأثبت الصواب منم: ط.
(¬7) في س، ط: ضلال.
(¬8) في الأصل، س: فإن معناه. والكلام يستقيم بدون "فإن".
(¬9) في س: واحدًا.
(¬10) في س، ط: تختلف.

الصفحة 820