قبل ابن كلاب: إن كلام الله ليس إلا معنى واحدًا (¬1)، ولا خطر هذا بقلب أحد، فكيف يقال: إنه أراد بصغية الجمع [الواحد] (¬2) ولهذا لا يكاد يوجد [هذا] (¬3) في صيغة المتكلم في حق الله، أو صيغة المخاطبة له، كما قد قيل في قوله: {رَبِّ ارْجِعُونِ} (¬4).
وأما تمثيلهم ذلك بقوله: {إِنَّ إِبْرَهِيمَ كان أُمَّةً} (¬5) أي: مثل أمة، فليس كذلك، بل الأمة (¬6) كما فسره عبد الله بن مسعود وغيره (¬7)، هو معلم الخير، وهو القدوة الذي يؤتم به أي: يقتدى به، فأمة من الائتمام كقدوة من الاقتداء، وليس هو مستعارًا من الأمة الذين هم جيل.
وكذلك قولهم (¬8): {وَنَضَعُ المَوازَيِنَ اَلْقِسْط} (¬9) وإنما هو ميزان واحد، ليس كذلك بل الجمع مراد من هذا اللفظ، إما لتعدد الآلات التي
¬__________
(¬1) في الأصل: واحد. والمثبت من: س، ط.
(¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬4) سورة المؤمنون، الآية: 99.
(¬5) سورة النحل، الآية: 120.
(¬6) في الأصل: الأمر. والمثبت من: س، ط.
(¬7) أخرج ابن جرير الطبري تفسير ابن مسعود لهذه الآية من غير وجه.
راجع: جامع البيان -تفسير ابن جرير- 14/ 191، 192.
وذكر ابن الجوزي في "زاد المسير" 4/ 503: "أن للمفسرين في المراد بالأمة ثلاثة أقوال:
إحداها: أن الأمة: الذي يعلم الخير. قاله ابن مسعود، والفراء وابن قتيبة.
والثاني: أنه المؤمن وحده في زمانه، روى هذا المعنى الضحاك عن ابن عباس وبه قال مجاهد.
والثالث: أنه الإمام الذي يقتدى به. قاله قتادة، ومقاتل، وأبو عبيدة وهو في معنى القول الأول".
(¬8) في ط: قوله.
(¬9) سورة الأنبياء، الآية: 47.