أنه قال: "أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة [ثلث] (¬1) القرآن؟ " قالوا: وكيف يقرأ (¬2) ثلث القرآن؟ قال: {قُل هُوَ اللَّهُ أَحَدُ} تعدل ثلث القرآن" (¬3)، فقوله: تعدل ثلث القرآن يبين أنها في نفسها ليست ثلثه، ولكنها تعدل ثلثه، أي في الثواب.
قلنا: لا منافاة بين اللفظين (¬4)، فإنها ثلثه باعتبار المعنى، وهي تعدل ثلثه باعتبار الحروف، أو هي بلفظها ومعناها ثلثه فتعدل ثلثه، لأن ذلك اللفظ صريح في معناه، وحيث قال: "جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فجعل {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} جزءًا" (¬5) من تلك الأجزاء، فأخبر أن القرآن تجزأ ثلاثة أجزاء وإنما هي جزء من تلك الأجزاء، وهذا لا يصلح أن يراد به مجرد الثواب دون السورة، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجمع بين اللفظين، كما في الحديث الذي رواه أبو حازم، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله [صلى الله] (¬6) عليه وسلم: "احشدوا (¬7) فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن" فحشد من حشد، ثم خرج نبي الله [صلى الله] (¬8) عليه وسلم
¬__________
(¬1) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، وصحيح مسلم.
(¬2) في جميع النسخ: تقرأ. والمثبت من: صحيح مسلم.
(¬3) تقدم تخريج هذا الحديث ص: 124.
(¬4) في س: اللفظتين.
(¬5) تقدم تخريجه قريبًا.
(¬6) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، ومصادر تخريج الحديث.
(¬7) في س: احشروا. وهو خطأ.
ومعنى: احشدوا: اجتمعوا واستحضروا الناس. والحشد: الجماعة، واحتشد القوم لفلان: تجمعوا له وتأهبوا.
انظر: النهاية -لابن الأثير- 1/ 388.
(¬8) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط، ومصادر تخريج الحديث.