كتاب التسعينية (اسم الجزء: 3)

الوجه السابع والستون:
أنه قد احتج بعض متأخريهم (¬1) على إمكان أن يكون كلامه واحدًا بما ذكره -الملقب عندهم بالإمام- فخر الدين أبو عبد الله محمد بن عمر الرازي فقال: "لما كان الباري -سبحانه- عالمًا بالعلم الواحد لجملة المعلومات الغير متناهية، فلم لا يجوز أن يكون مخبرًا بالخبر الواحد عن المخبرات الغير المتناهية، ولنضرب لذلك مثلًا (¬2) لهذا الكلام، وهو أن رجلًا إذا قال لأحد غلمانه: إذا قلت: اضرب فاضرب فلانًا، ويقول للثاني (¬3): إذا قلت: اضرب فلانًا (¬4) فلا تتكلم مع فلان، ويقول للثالث: إذا قلت: اضرب فلانًا (¬5) فاستخبر عن فلان، ويقول للرابع: إذا قلت: اضرب فأخبرني عن الأمر الفلاني، ثم إذا حضر الغلمان بين يديه ثم يقول لهم: اضرب، فهذا الكلام الواحد في حق أحدهم أمر، وفي حق الثاني نهي، وفي [حق] (¬6) الثالث خبر، وفي حق الرابع استخبار، وإذا كان اللفظ الواحد بالنسبة إلى أربعة أشخاص أمرًا ونهيًا وخبرًا واستخبارًا فأي استبعاد في أن يكون كلام الحق -سبحانه- كذلك؟ فثبت أنه سبحانه متكلم بكلام واحد".
فيقال لهؤلاء: هذه الحجة بعينها التي اعتمدها إمام أتباعه أبو عبد الله الرازي، هو -أيضًا- قد رجع عن ذلك في أجل كتبه عنده، وبين
¬__________
(¬1) كأبي عبد الله محمد بن أحمد القرطبي (ت: 671) في كتابه الأسنى شرح أسماء الله الحسنى وصفاته العلى -مخطوط- اللوحة: 243.
(¬2) في س، ط: مثالًا.
(¬3) في الأصل: الثاني. والمثبت من: س، ط، والأسنى.
(¬4) فلانًا: ساقطة من: س، ط.
(¬5) فلانًا: ساقطة من: س، ط.
(¬6) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

الصفحة 829