كتاب التسعينية (اسم الجزء: 3)

بصنف، كما قال من يزعم ذلك، ولا تختص آية بتثليث الأقانيم، وآية بالحلول والاتحاد، بل هو -سبحانه- ذكر في كل آية كفرهم المشترك، ولكن وصف كفرهم بثلاث صفات، وكل صفة تستلزم الأخرى، إثهم يقولون: المسيح هو الله، ويقولون: هو ابن الله، ويقولون: إن الله ثالث ثلاثة، حيث اتخذوا المسيح وأمه إلهين من دون الله، هذا بالاتحاد، وهذا بالحلول، ويبين (¬1) بذلك إثبات ثلاثة آلهة منفصلة (¬2) غير الأقانيم، وهذا يتضمن جميع كفر النصارى، وذلك أنهم يقولون: الإله جوهر واحد له ثلاثة أقانيم، وهذه الأقانيم يجعلونها تارة جواهر وأشخاصًا، وتارة صفات وخواصًا (¬3)، فيقولون: الوجود الذي هو الأب، والابن الذي هو العلم، وروح القدس التي هي الحياة عند متقدميهم، والقدرة عند متأخريهم، فيقولون: موجود هي عالم أو ناطق أو موجود عالم قادر، لكن يقولون -أيضًا-: إن الكلمة التي هي الابن جوهر، وروح القدس -أيضًا- جوهر، وإن المتحد بالمسيح هو جوهر الكلمة دون جوهر الأب وروح القدس، وهذا مما لا نزاع بينهم فيه.
ومن هنا قالوا كلهم: المسيح هو الله، وقالوا كلهم: هو ابن الله، لأنه من حيث أن الأب والابن وروح القدس إله واحد [وجوهر واحد] (¬4) وقد اتحد بالمسيح كان المسيح هو الله، ومن حيث أن الأب جوهر، والابن جوهر وروح القدس جوهر، والذي اتحد به هو جوهر الابن الذي
¬__________
(¬1) في س: وبين. وفي ط: فتبين.
(¬2) في الأصل، س: ثلاث منفصلة آلهة. والمثبت من: ط، وهو الأقرب للفهم.
(¬3) تفرق النصارى واختلافهم في الأقانيم، ذكره الشيخ -رحمه الله- في كتابه "الجواب الصحيح" 2/ 94، 100، 311، 3/ 163، 164. وانظره: في "التمهيد"- للباقلاني ص: 85، 86.
(¬4) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.

الصفحة 859