قال: وهذا مما لا محيد لهم عنه، ولا انفصال لهم منه، إلا بزخارف عاطلة عن صحة لا يصلح مثلها أن يكون شبهة يوقف (¬1) معها.
وقد قال ابن الزاغوني قبل ذلك: لو جاز أن يقال: إن عين الأمر هو النهي، مع كون الأمر يخالف النهي في وضعه ومعناه، فإن الأمر استدعاء الفعل، والنهي استدعاء الترك، وموضوع الأمر إنما يراد منه [تحصيل ما يراد بطريق الوجوب أو الندب، وموضوع النهي براد منه] (¬2) مجانبة ما يكره، إما بطريق التحريم أو الكراهة والتنزيه، وما يدخل تحت الأمر يقتضي الصحة، وما يدخل تحت النهي يقتضي الفساد، إما بنفسه، أو بدليل يتصل به [أو ينفصل عنه، وكذلك من المحال أن يقتضي النهي الصحة، إما بنفسه، أو بدليل يتصل به] (¬3) ولو قال قائل: إن المنهي (¬4) عنه نهي عنه لكونه محبوبًا عند الناهي عنه، والمأمور به أمر به لكونه مبغوضًا (¬5) عند الآمر به، لكان هذا قولًا باطلًا يشهد العقل بفساده، ويعرف جري العادة على خلافه، وهذا يوجب أن يكون الأمر في نفسه وغيره (¬6)، غير النهي بنفسه وعينه، ولو ادعى مدع أن ذلك مقطوع به غير مسوغ حصوله لكان ذلك جائزًا ممكنًا.
قلت: ما ذكره من فساد هذا القول هو كما ذكره، لكن يقال له ولمن وافقه: وأنتم أيضًا-[قد] (¬7) قلتم في مقابلة هؤلاء ما هو في الفساد ظاهر كذلك.
¬__________
(¬1) في س، ط: توقف.
(¬2) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬3) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.
(¬4) في الأصل، س: النهي. والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
(¬5) في الأصل: مقبوضًا. وهو تحريف. والمثبت من: س، ط.
(¬6) في الأصل، س: وتعينه. والمثبت من: ط. ولعله المناسب.
(¬7) ما بين المعقوفتين زيادة من: س، ط.