إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} (¬1) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعرض نفسه على الناس بالموسم ويقول: "ألا رجل يحملني إلى قومه لأبلغ كلام ربي، فإن قريشًا منعوني أن أبلغ كلام ربي" (¬2).
ومعلوم أن المعتزلة لا تقول: إن شيئًا من القرآن أحدثه لا جبرئيل ولا محمد، ولكن يقولون (¬3): إن تلاوتهما له كتلاوتنا له.
وإن قلتم: أضافه إلى أحدهما لكونه تلاه بحركاته وأصواته، فيجب أن يكون القرآن قولًا لكل من تكلم (¬4) به من مسلم وكافر وطاهر وجنب حتى إذا قرأه الكافر يكون القرآن قولًا له على قولكم، فقوله بعد هذا: {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (¬5) كلام لا فائدة فيه، إذ هو على أصلكم قول رسول كريم، وقول فاجر لئيم، وكذلك المعتزلة احتجت بقوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ} (¬6)، وقالوا: إن الله أحدثه في الهواء، فاحتج من احتج منكم على أن القرآن المنزل محدث، ولكن زاد
¬__________
(¬1) سورة المائدة، الآية: 67.
(¬2) الحديث عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة بلفظ: "ألا رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشًا. . ". وانظر: سنن أبي داود 5/ 103 - كتاب السنة - باب في القرآن- الحديث / 4734. وسنن الترمذي 5/ 184 - كتاب فضائل القرآن- الباب رقم 24 - الحديث / 2925. وقال: هذا حديث غريب صحيح. وسنن ابن ماجة 1/ 73 - المقدمة- باب فيما أنكرت الجهمية - الحديث 201. وسنن الدارمي 2/ 317 - كتاب فضائل القرآن- باب القرآن كلام الله - الحديث / 3357 بلفظ "هل من رجل يحملني إلى قومه، فإن قريشًا. . ".
(¬3) في الأصل: يقول. والمثبت من: س، ط. ولعله المناسب.
(¬4) في س: فيجب أن القرآن يكون قولًا من تكلم. . وفي ط: فيجب أن القرآن يكون قول من تكلم. .
(¬5) سورة التكوير، الآية: 19. وسورة الحاقة، الآية: 40.
(¬6) سورة الأنبياء، الآية: 2.