كتاب التسعينية (اسم الجزء: 3)

وقالوا: ما هو بعد ما مات بمبلغ فيلزم به الحجة.
فسقط (¬1) من أقاوليهم ثلاثة أشياء: أنه ليس في السماء رب، ولا في الروضة رسول، ولا في الأرض كتاب، كما سمعت يحيى بن عمار (¬2) يحكم به عليهم، وإن كانوا موهوها، ووروا عنها، واستوحشوا من تصريحها، فإن حقائقها لازمة لهم، وأبطلوا التقليد، فكفروا آباءهم وأمهاتهم وأزواجهم وعوام المسلمين، وأوجبوا النظر في الكلام، واضطروا إليه الدين -بزعمهم- فكفروا السلف، وسموا الإثبات تشبيهًا، فعابوا القرآن، وضللوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - فلا يكاد يرى منهم رجلًا ورعًا، ولا للشريعة معظمًا، ولا للقرآن محترمًا، ولا للحديث موقرًا، سلبوا التقوى، ورقة القلب، وبركة التعبد، ووقار الخشوع، واستفضلوا الرسول فانظر -أي- إلى أحدهم، فلا (¬3) هو طالب آثاره (¬4)، ولا متبع أخباره، ولا مناضل عن سنته، ولا هو راغب في أسوته، يتقلب بمرتبة العلم وما عرف حديثًا واحدًا، تراه يهزأ بالدين ويضرب له
¬__________
= انظر: طبقات الشافعية -للسبكي- 3/ 406 - 413.
(¬1) الكلام لأبي إسماعيل الهروي في "ذم الكلام" -مخطوط- الجزء السابع - اللوحتان 32، 33. والكلام يفصله عن سابقه عدة أسطر.
(¬2) هو: أبو زكريا يحيى بن عمار بن يحيى الشيباني السجستاني، الإمام المحدث الواعظ، شيخ سجستان، ونزيل هراة. توفي سنة 422 هـ.
قال عنه الذهبي: كان متخرقًا على المبتدعة، والجهمية، بحيث يؤول به ذلك إلى تجاوز طريقة السلف.
انظر: سير أعلام النبلاء -للذهبي- 17/ 481 - 483. وشذرات الذهب -لابن العماد- 3/ 226.
(¬3) في الأصل: فانظر إلى أحدهم أفلا.
وفي ط: فانظر أنت إلى أحدهم إذ لا. وفي ذم الكلام: فانظر فلا. والمثبت من: س. ولعله المناسب.
(¬4) في س، ط: أثره.

الصفحة 994