كتاب أشرف الوسائل إلى فهم الشمائل

40 - حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء، حدثنا معاوية بن هشام، عن شيبان، عن أبى إسحاق، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:
«قال أبو بكر: يا رسول الله قد شبت. قال: شيّبتنى هود، والواقعة، والمرسلات، وعمّ يتساءلون، وإذا الشّمس كوّرت».
ـــــــــــــــــــــــــــــ
40 - (شبت) كان حكمة السؤال عن ذلك، أن مزاجه صلى الله عليه وسلم اعتدلت فيه الأمزجة والطبائع الأربعة، وإسدالها مستلزم لعدم الشيب ولو فى أوانه، فكان شيبه بالنظر لذلك، كأنه تقدم على أوانه، فسئل عن حكمته. (هود) بالصرف أى فى سورة هود، وبتركه على أن هذا الاسم علم السورة. (والواقعة) أى لأن هذه السورة من أهوال يوم القيامة وتباين أحوال السعداء والأشقياء، والأمر بالاستقامة، كما أمر مما يليق بعلى كماله، ورفيع جلاله الذى لا يمكن البشر أن يحمله، ومن ثمة لما نزل: اِتَّقُوا اَللهَ حَقَّ تُقاتِهِ (¬1) ضجّوا حتى نزل: فَاتَّقُوا اَللهَ مَا اِسْتَطَعْتُمْ (¬2) ومن غير ذلك، مما لا يستوجب بعضه، إلا ديوان حافل بما يوجب سلطان الخوف والحزن، سيما على أتباعه وأمته لعظم
¬_________
40 - صحيح: رواه المصنف فى التفسير (3297)، وابن أبى شيبة فى المصنف (10/ 554)، وابن سعد فى الطبقات (1/ 335)، والبغوى فى شرح السنة (14/ 372)، وأبو نعيم فى حلية الأولياء (4/ 350)، وكذا فى معرفة الصحابة (1/ 340/1)، والحاكم فى المستدرك (2/ 344)، والبيهقى فى الدلائل (1/ 358)، كلهم من طريق شيبان به نحوه. ورواه أبو يعلى فى مسنده (107،108)، عن عكرمة قال: قال أبو بكر فذكره. قلت: وإسناده ضعيف لانقطاع الصلة بين عكرمة وأبى بكر. والراوى عن أبى بكر هو ابن عباس رضى الله عنهما. قال أبو عيسى: هذا حديث غريب لا نعرفه من حديث ابن عباس إلا من هذا الوجه، وقال الحاكم: صحيح على شرط البخارى ووافقه الإمام الذهبى. وذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد (7/ 37،118)، وقال: رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى إلا أن عكرمة لم يدرك أبا بكر. وذكره الحافظ العسقلانى فى المطالب (3650)، وعزاه للمصنف فى الشمائل. وقال البوصيرى فى الإتحاف (2/ 171): رواه أبو يعلى والترمذى فى الشمائل ورواته ثقات.
(¬1) سورة آل عمران: آية (102). وانظر: الدر المنثور (2/ 282)، وتفسير ابن أبى حاتم (3/ 722،723).
(¬2) سورة التغابن: آية (16)، وانظر الدر المنثور (8/ 185).

الصفحة 105