كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد

السابع والعشرون:
ذهب جماعة من العلماء إلى أن السيئات تضاعف بمكة كما تضاعف الحسنات. ممن قال ذلك مجاهد وابن عباس وأحمد بن حنبل وابن مسعود وغيرهم لتعظيم البلد. وسئل ابن عباس عن مقامه بغير مكة فقال: مالي ولبلد تضاعف في السيئات كما تضاعف الحسنات؟ فحمل ذلك منه عل مضاعفة السيئات بالحرم , ثم قيل: تضعيفها كمضاعفة الحسنات بالحرم. وقيل: بل كخارجه , ومن أخذ بالعمومات لم يحكم بالمضاعفة قال تعالى: (ومن جاء بالسيئة فلا يُجْزَى إلا مثلها)
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هم بسيئة وعملها كتبت له سيئة واحدة)) وقال بعض السلف لابنه: يابني إياك والمعصية , فإن عصيت ولابد , فلتكن في مواضع الفجور , لا في مواضع الأجور , لئلا يضاعف عليك الوزر , أو تعجل لك العقوبة , وحرر بعض المتأخرين النزاع في هذه المسألة فقال: القائل بالمضاعفة: أراد مضاعفة مقدارها أي غلظها لا كميتها في العدد , فإن السيئة جزاؤها سيئة , لكن السيئات تتفاوت , فالسيئة في حرم الله وبلاده على بساطه أكبر وأعظم منها في طرف من أطراف البلاد , ولهذا ليس من عصى الملك على بساط مُلكه كمن عصاه في موضع بعيد عنه. فإن قيل: فيرجع النزاع أيضا. وأي فرق بين أن تكون السيئة المعظمة

الصفحة 128