كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد

حرمتها , والتبرم , واعتياد المكان , والأنس به , وذلك يجر إلى قلة المهابة والتعظيم , ولهذا كان عمر يأمر الحاج بالرجوع إلى أوطانهم , ويمنع الناس من كثرة الطواف بالبيت. وقال: خشيت أن تنتهك حرمة هذا البيت بخلاف الذي يقدم زائرا , ثم يذهب , فإنه يهاب المكان ويعظمه أكثر من القاطنين , ولمثل هذا نهى السلف عن الكلام في ذات الله تعالى لأن كثرة النظر في ذلك تسقط مهابة الرب من القلب ولهذا قال الشاعر
وأخ كثرت عليه حتى ملني ... والشئ مملول إذا ما يكثر
وفي الحديث: زر غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا
الثاني: تهييج الشوق بالمفارقة لتنبعث داعية العود قال تعالى: ((وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا)) أي يثوبون إليه ويترددون إليه مرة بعد أخرى , لا يقضون منه وطرا. وقال بعضهم: لأن تكون في بلد وقلبك مشتاق إلى مكة , متعلق بهذا البيت , خير لك من أن تكون فيه , وأنت متبرم بالمقام وقلبك في بلد آخر. ويقال إن لله عبادا يطوف بهم الكعبة تقربا إلى الله تعالى.
الثالث: الخوف من ركوب الخطايا والذنوب بها فإن ذلك محظور , وبالحرا أن يورث مقت الله تعالى لشرف الموضع. وروى عن وهيب ابن الورد المكي قال: كنت ذات ليلة في الحجر أصلي سمعت قائلا بين الكعبة والأستار

الصفحة 130