كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد

الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام) وإنما كان الإسراء من بيت أم هانئ , وغيره من البيوت داخل في لفظ المسجد , والمسجد لا يباع ولا يؤجر وعورض هذا بأن الإجماع قائم على جواز الوطء , وغيره من الأحوال التي لا تسوغ في المسجد فيها فلو كان اسم المسجد يستلزم حكم المسجد لزم ألا يجوز فيها حالة من الحالات المنافية للمسجد. وأجاب ابن المنير أيضا , بأن العام إذا خصص بقي ما عداه على أصل العموم فلا يلزم من جواز تلك الأحوال فيها بدليل الإجماع جواز غيرها من البيع والإجارة إلا بقيد جامع مستأنف. ولو فرض قياس كان النص أو العرف يدفعه , قلت: بل الجواز دل عليه النص كما سيأتي , وأيضا: فإطلاق لفظ المسجد على دور مكة أو على الحرم كلها مجاز من باب التغليب. لا من باب حقيقة اللفظ وقد قال سبحانه: ((فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام)) ولم يكتف أحد من المسلمين باستقبال المسجد المحيط بالكعبة فضلا عن بقية دور مكة بل أجمعوا على أن المراد بالمسجد الحرام في هذه الآية , الكعبة فقط , وهو حقيقة اللفظ ولا يتبادر الذهن إلى إرادة مكة كلها إلا بقرينة , وحينئذ يبطل ما بنى عليه ابن المنير من منع بيع دور مكة لإطلاق المسجد عليها ’ وليس مأخذ منع البيع وعدمه ذلك بل مأخذه الخلاف في أنها فتحت صلحا أو عنوة. وذهب الشافعي وأحمد في رواية وغيرهما إلى جواز بيعها وكرائها , وأن دورها وأراضيها باقية على ملك أربابها يجوز لهم

الصفحة 146