كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد

عليه وسلم دخلها عنوة غير أنه من على أهلها بأنفسهم وأموالهم ولا يقاس عليها غيرها من البلاد كما ظن بعضهم , لأنها مخالفة لغيرها من وجهين أحدهما: ما خص الله به رسوله , فإنه قال: ((قل الأنفال لله والرسول)) والثاني: ما خص الله تعالى به مكة من أنه لا تحل غنائمها , ولا تلتقط لقطتها , وهي حرم الله وأمنه. فكيف تكون أرضها أرض خراج؟ فليس لأحد فتح بلدا أن يسلك بها مسلك مكة , فأرضها أو دورها لأهلها , ولكن أوجب الله تعالى عليهم أن يوسعوا على الحاج إذا قدموا من غير كراء , فهذا حكمها , فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحا. وإن كان ظاهر الأحاديث أنها فتحت عنوة أي كما هو مذهب الحنفية , ومذهب الشافعي: أنها فتحت صلحا , واحتواء أبي طالب على أملاك عبد المطلب يدل على ذلك وهو كان أكبر أولاده حين وفاته على عادة الجاهلية. قال القرطبي: من قال: إنها فتحت عنوة كانت مغنومة لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقسمها , وأقرها لأهلها , ولمن جاء بعدهم كما فعل عمر بالأرض المغنومة فتبقى على ذلك , لا تباع , ولا تكرى , ومن قال إنها فتحت عنوة مع تجويز بيعها , راعى الخلاف على أصله في مراعاة الخلاف الظاهر وتكون فائدة

الصفحة 151