كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد

فالجواب إنما لم يمنعوا. لأن الدعوة قد تمت. والكلمة قد بلغت. والجماعة قد ثبتت , وقد أخبر صلى الله عليه وسلم بوقوع الفتن بعده وأن الكعبة ستهدم , وأن المدينة ستغزى , فغزاها يزيد بن معاوية , أرسل الجيوش إليها مع مسلم بن عقبة المري – بعثه في عشرة آلاف فارس وسبعة آلاف راجل. فأغاروا عليها ثلاثة أيام. ثم دخلها بالسيف , وقتل من بقايا المهاجرين والأنصار نحو ألف وسبعمائة , وخيار التابعين يوم الحرة , وكانت يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثلاث وستين من الهجرة. وجالت الخيل في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقال ابن حزم في المرتبة الرابعة. وبالت الخيل وراثت بين القبر والمنبر –نستغفر الله – ولم يصل أحد في المسجد تلك الأيام , ولا كان فيه أحد حاشا سعيد بن المسيب. فإنه لم يفارق المسجد – ولولا شهادة عمرو بن عثمان بن عفان. ومروان بن الحكم له عند مسلم بن عقبة بأنه مجنون لقتله. وهتك مسلم – لعنه الله - الإسلام هتكا , وانتهبت المدينة ثلاثا. واستخف بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم , ومدت الأيدي إليهم ونتفت لحية أبي سعيد الخدري , وكان ممن لزم بيته , فأخذوا جميع ما في داره حتى صوف الفرش , وحتى أخذوا زوجين من حمام كان صبيانه يلعبون بهما. وكذلك فعلوا بغيره من الرجال والنساء , وقتلوا من المهاجرين والأنصار ألفا وسبعمائة. ومن أخلاط الناس عشرة آلاف سوى النساء والصبيان , ومن حملة القرآن من قريش

الصفحة 172