كتاب إعلام الساجد بأحكام المساجد
وكذلك قال ابن المنذر في الإشراف. وخالف مالك فقال: لا يعتمر في السنة إلا مرة واحدة , فإن اعتمر بعدها لزمته. نقله القرافي , في الذخيرة. وحكاه ابن حزم عن سعيد بن جبير , والحسن البصري , ومحمد بن سيرين وابراهيم النخعي واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر في عام إلا مرة واحدة. قال في المحلي: ولا حجة فيه , وإنما يكره ما حض على تركه وهو أنه عليه السلام ما حج منذ هاجر إلا حجة واحدة , ولا اعتمر منذ هاجر إلا ثلاث عمر , وعمرة مع حجته , فيلزمهم أن يكرهوا الحج إلا مرة واحدة في العمر. قلت: وقد روى الترمذي عن جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج حجتين قبل الهجرة , وحجة معها عمرة , لكن فيه ضعف , وفي الصحيح عن أنس: أنه عليه السلام اعتمر أربع عمر , إحداها في رجب وأنكرته عائشة. قال ابن العربي في العارضة: وإنكارها صحيح , وإنما هي عمرة الحديبية , المصدود عنها وعمرة القضاء , وعمرة الجعرانة , وعمرة مع حجة. قال ابن حزم: ويلزمهم أن يكرهوا العمرة إلا ثلاث مرات في العمر والدهر. وهو خلاف قولهم وقد حض النبي صلى الله عليه وسلم على العمرة , وأخبر أنها تكفر ما بينها وبين العمرة الثانية كما ثبت في الصحيحين , وفي السنن: تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما تنفيان الفقر والهون كما ينفي الكير خبث الحديد والفضة
الصفحة 180
463