كتاب [شرح] تسهيل العقيدة الإسلامية - ط 2 (اسم الجزء: الكتاب)

وقد حكى الإمام أبو إسحاق الشاطبي المالكي الأندلسي إجماع السلف من الصحابة والتابعين ومن يليهم على ذم البدع وتقبيحها"١"، وهذا إجماع صحيح غير مخروم، فلم يثبت عن أحد من الصحابة أو التابعين أنه أجاز شيئاً من البدع أو تساهل في أمرها"٢"، بل قد ثبت عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه قال:"كل بدعة ضلالة، وإن
---------------
صحيح رجاله ثقات رجال مسلم، عدا شيخ ابن وضاح، وهو ثقة إمام مترجم في سير النبلاء ١٢/١٠٨، والظاهر أن عبد الله بن خباب ومن معه كانوا يختارون بعض الآيات التي فيها سجدة تلاوة، فيقرأها أحدهم ثم يسجدون، ويبكون في سجودهم. وهذه طريقة محدثة ليس لها أصل في الشرع، وقد أنكرها غير واحد من الصحابة، وفي الباب آثار أخرى عن جماعة من الصحابة يطول الكلام بذكرها، تنظر في مراجع التخريج السابقة.
"١" الاعتصام، الباب الثالث في أن ذم البدع والمحدثات عام ١/١٤٢.
"٢" أما ما رواه البخاري "٢٠١٠" عن عمر – رضي الله عنه - أنه قال لما جمع الناس على إمام واحد في صلاة التراويح:"نعمت البدعة هذه".
فالمراد بدعة لغة – كما سبق بيانه عند الكلام على التعريف اللغوي للبدعة – ومما يدل على ذلك ما رواه البخاري في صلاة التراويح "٢٠١٢" عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالناس التراويح ثلاث ليال ثم اجتمع الناس في الليلة الرابعة فلم يخرج عليهم صلى الله عليه وسلم حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد، ثم قال: " أما بعد فإنه لم يخف علي مكانكم، ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها "، فهل ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم يصح أن تسمى

الصفحة 484