كتاب [شرح] تسهيل العقيدة الإسلامية - ط 2 (اسم الجزء: الكتاب)

تعالى بمحبته للأنبياء والأولياء والصالحين، ونحو ذلك من التوسلات الجائزة التي سبق ذكرها.
---------------
أعلم. قال: " حقهم عليه أن لا يعذبهم "، فهذا حق وجب بكلماته التامة، ووعده الصادق، لا أن العبد نفسه يستحق على الله شيئاً، كما يكون للمخلوق على المخلوق، فإن الله هو المنعم على العباد بكل خير، وحقهم الواجب بوعده هو أن لا يعذبهم، وترك تعذيبهم معنى لا يصلح أن يقسم به، ولا أن يُسأل بسببه، ويتوسل به، لأن السبب هو ما نصبه الله سبباً، فكأنه يقول: لكون فلان من عبادك الصالحين أجب دعائي، وأي مناسبة في هذا وأي ملازمة؟ وإنما هذا من الاعتداء في الدعاء، وقد قال تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [سورة الأعراف:٥٥] ، وهذا ونحوه من الأدعية المبتدعة، ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، ولا عن التابعين، ولا عن أحد من الأئمة رضي الله عنهم، وإنما يوجد مثل هذا في الحروز والهياكل التي يكتبها الجهال والطرقية. والدعاء من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على السنة والاتباع، لا على الهوى والابتداع، وإن كان مراده الإقسام على الله بحق فلان، فذلك محذور أيضاً؛ لأن الإقسام بالمخلوق على المخلوق لا يجوز، فكيف على الخالق؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم: " من حلف بغير الله فقد أشرك "، ولهذا قال أبو حنيفة وصاحباه - رضي الله عنهم -: يكره أن يقول الداعي: أسألك بحق فلان، أو بحق أنبيائك ورسلك، وبحق البيت الحرام، والمشعر الحرام، ونحو ذلك". انتهى كلامه رحمه الله. وينظر: الاقتضاء ص٧٨٥،٧٨٦، الصواعق المرسلة الشهابية ص١٥٥-٢٨٠، تصحيح الدعاء ص٢٥٧-٢٥٩، وينظر كلام البركوي الحنفي الذي سيتم نقله إن شاء الله تعالى في نهاية الكلام على هذه البدعة "التوسل البدعي".

الصفحة 503