كتاب بيان إعجاز القرآن

القرآن ولكن الشح أن تأكل مال أخيك ظلما , ولكن ذاك البخل , وبئس الشيء البخل.
وأما النعت والصفة , فإن الصفة أعم والنعت أخص , وذلك أنك تقول: زيد عاقل وحليم , وعمروا جاهل وسفيه , وكذلك تقول: زيد أسود ودميم , وعمروا أبيض وجميل , فيكون ذلك صفة ونعتًا لهما وأما النعت فلا يكاد يطلق إلا فيما لا يزول ولا يتبدل , كالطول والقصر والسواد والبياض ونحوهما من الأمور اللازمة.
وأما قول القائل لصاحبه: اقعد واجلس , فقد حكى لنا النضر بن شميل أنه دخل على المأمون عند مقدمه من مرو , فمثل بين يديه وسلم؛ فقال له المأمون اجلس , فقال: يا أمير المؤمنين ما أنا بمضطجع فأجلس , قال: فكيف تقول؟ قال: قل اقعد. فأمر له بجائزة.
قلت: وبيان ما قاله النضر بن شميل إنما يصح إذا اعتبرت إحدى الصفتين بالأخرى عن المقابلة , فقتول: القيام والقعود كما تقول: الحركة والسكون , ولا نسمعهم يقولون القيام والجلوس وإنما يقال قعد الرجل عن قيام , وجلس عن ضجعة واستلقاء , ونحو ذلك.
وأما قولك: بلى ونعم؛ فإن بلى جواب عن استفهام بحرف النفي كقول القائل: ألم تفعل كذا؟ , فيقول صاحبه: بلى , كقوله عز وجل: {ألست بربكم قالوا بلى}. وأما نعم فهو جواب عن الاستفهام نحول هل كقوله سبحانه: {هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً قالوا نعم}.

الصفحة 31