كتاب بيان إعجاز القرآن

عن أبي عكرمة عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار نحوه. قلت: وإنما أتى أبو العالية في هذا حديث لم يفرق بين حرف عن وفي , فتنبه له الحسن فقال: ألا ترى قوله: {عن صلاتهم} يؤيد أن السهو الذي هو الغلط في العدد إنما هو يعرض في الصلاة بعد ملابستها , فلو كان هو المراد لقيل: في صلاتهم ساهون , فلما قال عن صلاتهم دل على أن المراد به الذهاب عن الوقت. ونظير هذا ما قاله القُتَبي في قوله تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطاناً فهو له قرين} زعم أنه من قوله: عشوت إلى النار أعشو إذا نظرت إليها. فغلَّطوه في ذلك وقالوا: إنما معنى قوله: من يعرض عن ذكر الرحمن, ولم يفرق بين عشوت إلى الشيء وعشوت عنه - وهذا الباب عظيم الخطر , وكثيرًا ما يعرض فيه الغلط , وقديمًا عني به العربي الصريح - فلم يحسن ترتيبه وتنزيله.

حدثني عبد العزيز بن محمد المسكني قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم قال حدثني سويد نا ابن المبارك عن عيسى بن عبدالرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب أن أعرابيًا جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: علمني عملاً يدخلني الجنة فقال: اعتق النسمة وفك الرقبة قال: أوليسا واحدًا؟. قال: لا , عتق النسمة أن تنفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين في ثمنها. فتأمل كيف رتب الكلامين

الصفحة 33