كتاب بيان إعجاز القرآن

الأقدام , من قول العرب: مشى الرجل إذا كثر ولده. وأنشدوا:
والشاة لا تمشي عل الهملَّعِ
أي لا يكثر نتاجها , والهملع الذئب.
وأما قوله سبحانه: {هلك عني سلطانيه} وزعمهم أن الهلاك لا يستعمل إلا في تلف الأعيان فإنهم ما زادوا على أن عابوا أفصح الكلام وأبلغه , وقد تكون الاستعارة في بعض المواضع أبلغ من الحقيقة كقوله عز وجل {وآية لهم الليل نسلخ منه النهار} والسلخ ها هنا مستعار وهو أبلغ منه لو قال نخرج من النهار وإن كان هو الحقيقة وكذلك قوله سبحانه: {فاصدع بما تؤمر} وهو أبلغ من قوله: فاعمل بما تؤمر وإن كان هو الحقيقة , والصدع مستعار , وإنما يكون ذلك في الزجاج ونحوه من فِلِزِّ الأرض , ومعناه المبالغة فيما أمر به حتى يؤثر في النفوس والقلوب تأثير الصدع في الزجاج ونحوه , وكذلك قوله سبحانه: {هلك عن سلطانيه} وذلك أن الذهاب قد يكون على مراصدة العود , وليس مع الهلاك بقيا ولا رجعى , وقد قيل إن معنى السلطان ها هنا الحجة والبرهان.
وأما قوله سبحانه: {وإنه لحب الخير لشديد} وأن الشديد معناه هاهنا البخيل , ويقال: رجل شديد ومتشدد أي بخيل. قال طرفة:
أرى الموت يعتام النفوس ويصطفي ... عقيلة مال الفاحش المتشدِّدِ
واللام في قوله: {لحب الخير} بمعنى لأجل حب الخير وهو المال لبخيل , وأما قوله عز وجل: {والذين هم للزكاة فاعلون} وقولهم إن المستعمل في الزكاة المعروف لها من الألفاظ , كالأداء والإيتاء والإعطاء , ونحوها كقولك:

الصفحة 44