كتاب بيان إعجاز القرآن

عجل , وارم ارم , كما يكتب في الأمور المهمة على ظهور الكتب: مهم مهم مهم , ونحوها من الأمور. وكقول الشاعر:
هلا سألت جموع كنـ ... ـدة يوم ولو أين أينا
وقول الآخر:
يال بكر أنشروا لي كليبا ... يال بكر أين أين الفرار
وقد أخبر الله عز وجل بالسبب الذي من أجله كرر الأقاصيص والأخبار في القرآن فقال سبحانه: {ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون} وقال تعالى: {وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو يحدث لهم ذكرا} وأما سورة الرحمن فإن الله سبحانه خاطب بها الثقلين من الإنس والجن , وعدد عليهم أنواع النعمة التي خلقها لهم , فكلما ذكر فصلًا من فصول النعم جدد إقرارهم به واقتضاءهم الشكر عليه , وهي أنواع مختلفة وفنون شتى , وكذلك هو في سورة " المرسلات " ذكر أحوال يوم القيامة وأهوالها فقدم الوعيد فيها وجدد القول عند ذكر كل حال من أحوالها لتكون أبلغ في القرأن وأوكد لإقامة الحجة والإعذار , ومواقع البلاغة المعتبرة لمواضعها من الحاجة. فإن قيل: إذا كان المعنى في تكرير قوله: {فبأي آلاء ربكم تكذبان} تجديد ذكر النعم في هذه السورة واقتضاء الشكر عليها , فما معنى قوله {يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران} ثم أتبعه قوله: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} وأي موضع نعمة هاهنا؟ وهو إنما يتوعدهم

الصفحة 53