كتاب بيان إعجاز القرآن

لا لفظه صحيح , ولا معناه مستقيم , ولا فيه شيء من الشرائط الثلاث التي هي أركان البلاغة , وإنما تكلف هذا الكلام الغث لأجل ما فيه من السجع. والساجع عادته أن يجعل المعاني تابعة لسجعه , ولا يبالي بما يتكلم به إذا استوت أساجيعه واطردت.
ولخلو هذا الكلام من كل نوع من الفوائد قال أبو بكر رضي الله عنه حين طرقت سمعه: أشهد أن هذا الكلام لم يخرج من بال. وأخبرني ابن الفارسي محمد بن القاسم بن الحكم قال: أخبرني أبي قال أخبرني إبراهيم بن هانئ قال: أخبرني يحيى بن بكير قال: أخبرني الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن سعيد بن نشيط قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين , فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو ثم َّ. قال عمرو: فأقبلت حتى مررت على مسيلمة فأعطاني الأمان ثم قال: إن محمدًا أرسل في جسيم الأمور وأرسلت في المحقرات. فقلت: أعرض علي ما تقول. فقال: " يا ضفدع نقي فإنك نعم ما تنقين. لا واردًا تنفرين , ولا ماءً تكدرين , يا وبر يا وبر , يدان وصدر , وسائرك حضر نفر ". ثم أتى أناس يختصمون إليه في نخل قطعها بعضهم لبعض فتسجَّى بقطيفة ثم كشف رأسه فقال: " والليل الأدهم , والذئب الأسحم , ما جاء بنو أبي مسلم من محرم " ثم تسجَّى الثانية فقال: " والليل الدامس , والذئب الهامس ما حرمته رطبًا إلا كحرمته يابس , قوموا فلا أرى عليكم فيما صنعتم شيئًا ". قال: قال عمرو: أما والله إنك تعلم وإنا

الصفحة 56