كتاب النكت في إعجاز القرآن

ما له حد وما ليس له حد , فشوكة السلاح هي التي تبقى. وقال تعالى {وإذا مسه الشر فذو دعاء عريض} عريض ها هنا مستعار , وحقيقته كبير , والاستعارة فيه أبلغ لأنه أظهر بوقوع الحاسة عليه , وليس كذلك كل كثرة. وقيل: عريض لأن العرض أدل على الطول. وقال تعالى: {حتى تضع الحرب أوزارها} وهذا مستعار , وحقيقته حتى يضع أهل الحرب أثقالها , فجعل وضع أهلها الأثقال وضعا لها على جهة التفخيم لشأنها وقال تعالى: {والصبح إذا تنفس} وتنفس ها هنا مستعار , وحقيقته إذا بدأ انتشاره , وتنفس أبلغ منه , ومعنى الابتداء فيهما , إلا أنه في التنفس أبلغ لما فيه من الترويح عن النفس , وقال تعالى: {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف} وهذا مستعار , وحقيقته أجاعها الله وأخافها والاستعارة أبلغ , لدلالتها على استمرار ذلك بهم كاستمرار لباس الجلد وما أشبهه. وإنما قيل ذاقوه لأنه كما يجد الذائق مرارة الشيء فهم في الاستمرار كتلك الشدة في المذاقة , وقال تعالى: {مستهم البأساء والضراء وزلزلوا} وهذا مستعار , وزلزلوا أبلغ من كل لفظ كان يعبر به عن غلظ ما نالهم. ومعنى حركة الإزعاج فيهما , إلا أن الزلزلة أبلغ وأشد. وقال تعالى: {ربنا أفرغ علينا صبرا} أفرغ مستعار وحقيقته افعل بنا صبرا , وأفرغ أبلغ منه لأن في الإفراغ اتساعا مع بيان , وقال الله عز وجل: {ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس} حقيقته حصلت عليهم الذلة. والاستعارة أبلغ لما فيه من الدلالة على تثبيت ما حصل

الصفحة 90