كتاب عالم الجن والشياطين
المطلب الثاني
الأدلة الدالة على وجود الجن
1- وجودهم معلوم من الدين بالضرورة:
يقول ابن تيمية (¬1) : " لم يخالف أحد من طوائف المسلمين في وجود الجن، ولا في أن الله أرسل محمداً صلى الله عليه وسلم إليهم، وجمهور طوائف الكفار على إثبات الجن. أمّا أهل الكتاب من اليهود والنصارى، فهم مقرّون بهم كإقرار المسلمين، وإن وجد فيهم من ينكر ذلك، كما يوجد في المسلمين من ينكر ذلك ... كالجهمية والمعتزلة، وإن كان جمهور الطائفة وأئمتها مقرّين بذلك.
وهذا لأن وجود الجن تواترت به أخبار الأنبياء تواتراً معلوماً بالضرورة، ومعلوم بالضرورة أنهم أحياء عقلاء فاعلون بالإرادة، بل مأمورون منهيون، ليسوا صفات وأعراضاً قائمة بالإنسان أو غيره، كما يزعمه بعض الملاحدة، فلما كان أمر الجن متواتراً عن الأنبياء تواتراً تعرفه العامة والخاصة، فلا يمكن لطائفة من المنتسبين إلى الرسل الكرام أن تنكرهم ".
وقال أيضاً: " جميع طوائف المسلمين يقرون بوجود الجن، وكذلك جمهور الكفار كعامة أهل الكتاب، وكذلك عامة مشركي العرب وغيرهم من أولاد حام، وكذلك جمهور الكنعانيين واليونان من أولاد يافث، فجماهير الطوائف تقرّ بوجود الجن " (¬2) .
وذكر إمام الحرمين: " أن العلماء أجمعوا في عصر الصحابة والتابعين على وجود الجن والشياطين، والاستعاذة بالله تعالى من شرورهم، ولا يراغم هذا الاتفاق متدين متشبث بمسكة من الدين " (¬3) .
2- النصوص القرآنية والحديثية:
جاءَت نصوص كثيرة تقرر وجودهم كقوله تعالى: (قل أوحي إليَّ أنَّه استمع نفرٌ من الجن) [الجن: 1] ، وقوله: (وأنَّه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجالٍ من الجن فزادوهم رهقاً) [الجن: 6] . وهي نصوص كثيرة ذكرنا غالبها في ثنايا هذه الرسالة، وإن كانت كثرتها وشهرتها تغني عن ذكرها.
¬_________
(¬1) مجموع الفتاوى: 19/10.
(¬2) مجموع الفتاوى 19/13.
(¬3) آكام المرجان: ص 4.
الصفحة 14
191