كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 4)

قَالَ: فَسَاخَتْ بِهِ فَرَسُهُ فِي الأرْضِ إِلَى بَطْنِهَا، فَوَثَبَ عَنْهَا ثُمَّ قَالَ: يَا مُحمَّدُ، قَدْ عَلِمْتُ أنَّ هَذَا عَمَلُكَ، فَادْعُ الله أنْ يُنْجِيَني مِمَّا أنا فِيهِ، فَوَالله لَأُعْمِيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائِي مِنَ الطَّلَبِ، وَهَذِهِ كِنَانَتِي فَخُذْ سَهْمًا مِنْهُما فَإِنَّكَ سَتَمُرُّ عَلَى إبلي وَغَنَمِي بِمَكَانِ كَذَا وَكَذَا، فَخُذْ مِنْهَا حَاجَتَكَ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَا حَاجَةَ لَنا فِي إبلِكَ».
وَانْصَرَفَ عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَهُ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَانْطَلَقَ رَاجِعًا إِلَى أصْحَابِهِ، وَمَضَى رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأنا مَعَهُ حَتَّى قَدِمْنَا المَدِينَةَ لَيْلًا، فَتنَازَعَهُ القَوْمُ أيُّهُمْ يَنْزِلُ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي أنْزِلُ اللَّيْلَةَ عَلَى بَني النَّجَّارِ أخْوَالِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، أُكْرِمُهُمْ بِذَلِكَ».
فَخَرَجَ النَّاسُ حَتَّى دَخَلَ المَدِينَةَ، وَفِي الطَّرِيقِ وَعَلَى البُيُوتِ الغِلمَانُ وَالخَدَمُ جَاءَ مُحمَّدٌ، جَاءَ رَسُولُ الله، فَلمَّا أصْبَحَ انْطَلَقَ فَنزَلَ حَيْثُ أمَرَهُ الله.
وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ المَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أوْ سَبْعَةَ عَشَرَ m l . شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ أنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، فَأنْزَلَ الله {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٤٤].
قَالَ: فَوُجِّهَ نَحْوَ الكَعْبَةِ، وَقَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ: {مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [البقرة: ١٤٢].

الصفحة 38