كتاب الجامع المسند الصحيح (اسم الجزء: 4)
قَالَتا: الصَّابِئُ بَيْنَ الكَعْبَةِ وَأسْتَارِهَا، قَالَا: مَا قَالَ لَكُمَا؟ قَالَتا: قَالَ لَنا كَلِمَةً تَملَأُ الفَمَ، قَالَ: وَجَاءَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم حَتَّى انْتَهَى إِلَى الحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ هُوَ وَصَاحِبُهُ، قَالَ: وَطَافَ بِالبَيْتِ ثُمَّ صَلَّى صَلَاتَهُ، قَالَ: فَأتَيْتُهُ حِينَ قَضَى صَلَاتَهُ، قَالَ: فَكُنْتُ أوَّلَ مَنْ حَيَّاهُ بِتَحِيَّةِ الإِسْلَامِ.
قَالَ: وَعَلَيْكَ وَرَحْمَةُ الله مِمَّنْ أنْتَ؟ قُلتُ: مِنْ غِفَارٍ، قَالَ: فَأهْوَى بِيَدِهِ نَحْوَ رَأسِهِ، قَالَ: قُلتُ فِي نَفْسِي: كَرِهَ أنِّي انْتَمَيْتُ إِلَى غِفَارٍ، قَالَ: فَذَهَبْتُ آخُذُ بِيَدِهِ، قَالَ: فَقَذَعَنِي صَاحِبُهُ، وَكَانَ أعْلَمَ بِهِ مِنِّي، فَرَفَعَ رَأسَهُ فَقَالَ: مَتَى كُنْتَ هَاهُنَا؟ قَالَ: قُلتُ: قَدْ كُنْتُ هَاهُنَا مُنْذُ عَشْرٍ مِنْ بَيْنِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ.
قَالَ: فَمَنْ كَانَ يُطْعِمُكَ؟ قَالَ: قُلتُ: مَا كَانَ لِي طَعَامٌ غَيْرُ مَاءِ زَمْزَمَ فَسَمِنْتُ حَتَّى تَكَسَّرَتْ عُكَنُ بَطْنِي، وَمَا وَجَدْتُ عَلَى كَبِدِي سُخْفَةَ جُوعٍ، فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّها مُبَارَكَةٌ، إِنَّها طَعَامُ طُعْمٍ» قَالَ: فَقَالَ صَاحِبُهُ: ائْذَنْ لِي فِي إِطْعَامِهِ، اللَّيْلَةَ، فَانْطَلَقَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وَأبُو بَكْرٍ فَانْطَلَقْتُ مَعَهُما، قَالَ: فَفَتَحَ أبُو بَكْرٍ بَابًا فَقَبَضَ إِليَّ مِنْ زَبِيبِ الطَّائِفِ، قَالَ: فَذَلِكَ أوَّلُ طَعَامٍ أكَلتُهُ بِهَا.
قَالَ: فَلَبِثْتُ مَا لَبِثْتُ أوْ غَبَّرْتُ ثُمَّ لَقِيتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إِنِّي قَدْ وُجِّهْتُ إِلَى أرْضٍ ذَاتِ نَخْلٍ، وَلَا أحْسَبُهَا إِلَّا يَثْرِبَ، فَهَل أنْتَ مُبَلِّغٌ عَنِّي قَوْمَكَ، لَعَلَّ الله أنْ يَنْفَعَهُمْ بِكَ، وَأنْ يَأجُرَكَ فِيهِمْ» قُلتُ: نَعَمْ فَانْطَلَقْتُ حَتَّى أتَيْتُ أُنَيْسًا فَقَالَ: مَا صَنَعْتَ؟ قُلتُ: صَنَعْتُ أنِّي أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ أُنَيْسٌ: وَمَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكَ، إِنِّي قَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ، قَالَ: فَأتَيْتُ أُمَّنَا، فَقَالَتْ: مَا بِي رَغْبَةٌ عَنْ دِينِكُمَا، فَإِنِّي قَدْ أسْلَمْتُ وَصَدَّقْتُ.
الصفحة 82