كتاب النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم

قال أحد منهم: أنا في غير حقيقة، وإنما (¬1) كانوا ينفون الحقائق عن أقوال (¬2) الرسل (¬3) في دعاويها التوسط، وهم متفقون على إقرار الحقائق (¬4) في نصابها، وإتيانها من بابها، وإنما قابلوا أدلة الرسل بالشبهات، وجروا في ميدان النظر والدلالات، فعاند من عاندة وسدد من سدد.

توجيه:
ويحتمل أن يكون أبو حامد، قد بنى هذا على مذهب الصوفية، في أن العلم من ثمرات العمل، وهو وإن صح كان قلبا للقوس (¬5) ركوة (¬6)، فليس في أول رتوة (¬7)، وإنما يكون ذلك دعوى في النظريات، أو في الزيادة على مقتضى الأدلة، وربما شبهوا (¬8) في ذلك بقوله تعالى (¬9): {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282]. فأفاد هذا الظاهر أن العلم ثمرة التقوى التي هي أصل الأعمال، وترجمة (¬10) جميعها أو كلها، وأثروا (¬11) ذلك عن مالك رضي الله عنه (¬12)، إسكاتا (¬13) لنا، واعتضادا بإمامته (¬14) علينا، من قوله: ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما هو نور يضعه الله في قلب من يشاء، قال القاضي أبو بكر (¬15): وهذا مقطع شريف ليس من غرضهم في شيء [و5 ب] وإنما له
¬__________
(¬1) ب: ولا.
(¬2) ج، ز: أحوال.
(¬3) ب، ج، ز: المرسل.
(¬4) ج، ز: الفائق.
(¬5) ب: قلب القوس، ج، ز: فك القوس.
(¬6) ب: - ركوة، ج، ز: رمون. يقال صارت القوس ركوة وهو مثل يضرب في الإدبار وانقلاب حقائق الأشياء.
(¬7) الرتوة: الخطوة، والسويعة من الزمان والدعوة. ورتاه: شده، وقواه وجذبه وأرخاه.
(¬8) د: شببوا. ويبدو أن صوابه: تشبثوا.
(¬9) ب، ج، ز: - تعالى.
(¬10) ب: ومزجه. وعلق على ذلك ابن باديس بقوله: لعل الأصل: ومرجعها.
(¬11) د: وأثاروا.
(¬12) د: - رضي الله عنه. وهو إمام دار الهجرة توفي سنة 179 هـ/ 795 م.
(¬13) ج، ز: إسكانا.
(¬14) ب، ج، ز: لإمامته، وعلق الشيخ ابن باديس عليه بقوله: لعل الأصل: بإمامته.
(¬15) د: قال أبي.

الصفحة 16