كتاب النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم

عودا عودا، فأي قلب أشربها، نكتت فيه نكتة سوداء فيصير أسود [و 6 أ] مربادا (¬1) كالكوز، مجخبا (¬2)، لا يعرف معروفا، ولا ينكر إلا ما أشرب من هواه" (¬3)، وهذا تنبيه بالغ، ونص فيما أردناه للخصم دافع.

مزيد تحقيق:
ولا ينكر أحد (¬4) من الإسلاميين، لا من الفقهاء، ولا من المتكلمين، أن صفاء القلب وطهارته، مقصود شرعي، إنما (¬5) المستنكر (¬6) أن (¬7) صفاءه (¬8) يوجب تجلي العلوم فيه بذاته، إذ هو مقابل له في أصل الخلقة، وإنما الحق أن القلب بمداومة الطاعات، والفكرة (¬9) في ملكوت الأرض والسموات، يكون ذلك من إدامة المعرفة علما على النجاة، ويكون عمارة للبدن بالطاعات، وقد قام الدليل العقلي على أن العلم هو (¬10) من العمل قبل العمل، وكذلك (¬11) قام الدليل الشرعي، وشهدت له التجربة، على أنه {إنما يخشى الله من عباده العلماء} [فاطر: 28]، وكل من علم أن ملكوت الله في أرضه وسمائه الذي فيها بدنه، وجملة، من مخلوقاته، لم يصرفه إلا في طاعته، فإن قصر فبفوات علمهم (¬12) بما قصر فيه، وعما قصر عنه، وعما قصر به، وهذا كاف في الغرض.

تكملة:
فنرجع إلى المراجعة مع القول الأول، للقوم الأول، فنقول لهم هذا
¬__________
(¬1) تربد: تغير، وتغيم، وتعبس، والمربد من كان ذا سواد وبياض، والمربدة لون يميل إلى الغبرة.
(¬2) ج، ز: مجخبا، د: طمس، كالكوز مجخبا. ويقال الجخب للأجوف المنهوك ويقال للأحمق وللثقيل اللحيم جخابه.
(¬3) د: مربات والنقل.
(¬4) د: قفه على ما هار.
(¬5) ج، ز: وإنما.
(¬6) ج، ز: المنكر. وكتب على هامش ز: أصل ة المستنكر.
(¬7) ب، ج، ز: - أن.
(¬8) ب، ج، ز: صفاء.
(¬9) ج، ز: الفكر.
(¬10) د: وهو.
(¬11) د: فكذلك.
(¬12) ب، ج، ز: عمله. وعلق الشيخ ابن باديس عليه بقوله: لعله: علمه.

الصفحة 18