الكلام والاسترسال (¬1)، ودعا مقدم القافلة فقال له: أنظر من معك، واقد قدر صاحبك، ولا تصل إلي إلا بكتابه شاكرا، وإلا فلا ترجع إلى البلد، فشكرناه، ودعونا له، وقام، فخسر (¬2) ركابه، وحان (¬3) إيابه، وانصرف في كبكبته، وقد عصمنا الله من سطوته، وخرجت عن عكا إلى طبرية، على حوران، والبثنية (¬4)، وعدلت عن بصرى إلى دمشق، لوجوه بيناها في كتاب ترتيب الرحلة، فمن هنالك (¬5) أشرق (¬6) الحق بنوره، واتصل المسير إلى دار السلام، فألفيت بها (¬7) من رؤساء العلم، ورؤوسه، وأشياخ الملة، وأحبارها، ما يملأ الخافقين، فقلت: هذه ضالتي التي كنت أنشد (¬8)، وكان فيها قاضيان عظيمان دينا في الظاهر، أبو اليمن الحنفي (¬9)، وأبو سعد الهروي (¬10) فجالستهما وسمعت كلامهما، وإذا بهما (¬11) على هذا المذهب وأحدهما وإن كان يلوح فأبو سعد كان يصرح، ولم يكن يظن أن عندي من مذهب القوم، وأغراضهم علما (¬12) وفشا ذلك في خراسان، من لدن موت أبي الفتح
¬__________
(¬1) د: والاستنزال.
(¬2) ب: فحسن. ج: فحبس.
(¬3) ب، ج، ز: وخاب.
(¬4) ب: والبنينينية. ج، ز: والتبينية. وفي القاموس المحيط: البثنة قرية بدمشق. فصوابه إذن: البثنة.
(¬5) ب، ج، ز: هناك. ج، د: + عاينت.
(¬6) ج، د، ز: شرق.
(¬7) د: فيها.
(¬8) ج، ز: اطلبها وصحح في هامش، ز: أنشد.
(¬9) مسعود بن محمد بن أحمد البخاري ورد مع أبيه إلى بغداد وكانا من المعتزلة وكان لهما مجلس للمناظرة بدارهما ببغداد وتوفي أبو اليمن سنة 491 هـ/ 1097 م (القرشي، الجواهر المضية، ج 2 ص 170).
(¬10) محمدبن نصر بن منصور قتلته الباطنية بهمذان وقد ولي القضاء بعدة أقاليم قيل حنفي وقيل شافعي توفي في سنة 519 هـ/ 1225 م (طبقات الشافعية الكبرى، ج 4 ص 195) وهناك أبو سعيد الهروي آخر توفي في حدود الخمسمائة (طبقات الشافعية الكبرى، ج 4 ص 31).
(¬11) د: وآدابهما.
(¬12) د: - علما.