كتاب النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم

مقدورا له؟ فقال (¬1): لأنه لا يقع إلا عن آفة تدخل عليه، ومحال دخول الآفات على الله تعالى، فقالا له: ومحال أيضا أن يكون قادرا على ما لا يقع منه (¬2) إلا عن آفة تدخل عليه، فبهت فقال لهم بشر بن المعتمر: كل ما أنتم فيه تخليط، فقالوا (¬3) له: فما تقول أنت؟ أتقول بأن الله قادر على أن يعذب الطفل الذي لا ذنب له أم لا يقدر عليه؟ فقال أقول: بأنه (¬4) قادر على ذلك، فقالوا له: أرأيت لو فعل ما قدر عليه من تعذيب الطفل، لا عن ذنب، ما كانت حال الدلائل التي دلت على أنه لا يظلم؟ فقال: لو عذب المطفل ظالما له في تعذيبه لكان الطفل بالغا عاقلا عاصيا مستحقا للعذاب (¬5) الذي أصابه، وكانت الدلائل بحالها في دلالتها على عدل الله تعالى، فقالوا: سخفت عينك كيف يكون عادلا بفعل ما هو ظلم؟ فقال لهم المردار (¬6): إنكم أكثرتم على أستاذي بشر منكرا (¬7) عظيما (¬8)، وقد يغلط الأستاذ، فقال له بشر: كيف (¬9) تقول أنت؟ قال: أقول: إن الله عز وجل (¬10) [و 25 ب] قادر على الظلم والكذب، ولو فعل ذلك لكان إلها ظالما (¬11) كاذبا، فقالوا (¬12) له: هل كان مستحقا للعبادة أم لا؟ فإن استحقها فالعبادة شكر المعبود، والظالم يستحق الذم لا الشكر، وإن لم يستحق العبادة، فكيف يكون من لا يستحقها إلها؟ فقال لهم: إلا أنا نقول إنه قادر على أن يظلم ويكذب، ولو ظلم وكذب كان صادقا عادلا، فقال له (¬13) الإسكافي (¬14): كيف ينقلب الظلم عدلا، والكذب صدقا؟ فقالوا له: كيف تقول أنت في هذا؟ فقال: أقول: لو فعل هذا (¬15)
¬__________
(¬1) ج: + له.
(¬2) ب، ز: عنه، د: - عنه.
(¬3) د: قالوا.
(¬4) د: إنه.
(¬5) ب: العقاب، ج، ز: للعقاب.
(¬6) ب: المرار. ج، ز: المزدان. د: المراد. والصواب ما أثبت. والمردار هو أبو موسى عيسى بن صبيح تلميذ بشر بن المعتمر توفي في سنة 226 هـ/ 840 م والتصحح من (التبصير، ص 55).
(¬7) ج: - منكرا.
(¬8) ج، د، ز: - عظيما.
(¬9) د: فكيف.
(¬10) د: تعالى.
(¬11) ب، ج، ز: عالما.
(¬12) د: فقال.
(¬13) د: لهم.
(¬14) محمد بن عبد الله الإسكافي توفي سنة 240هـ / 854م.
(¬15) ب، ج، ز: - هذا.

الصفحة 67