كتاب النص الكامل لكتاب العواصم من القواصم

الأثنينية (¬1) عليه دليلا وبرهانا، وفطر الآدمي، فركب عليه وفيه، الازدواج ابتلاء، يختلف به الحال استفالا، واعتلاء، إشكالا (¬2)، وجلاء، نعمة، وبلاء، قبولا، وإباء (¬3)، ليرفعه (¬4) في عليين، أو يقذفه في سجين، قال سبحانه: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين} [التين: 5] علمه البيان، بين منزلتي الدليل والعيان، وجعل فيه حقائق [و2 أ] تشترك مع صفاته العلى، وأسمائه الحسنى، في الحد، وينفرد (¬5) عنها بالتعالي والجد: ذلك ليستدل بها عليه، ويرجع في تحصيل العرفان (¬6) إليه.
وخلق له الملك، والشيطان، وأخبر الصادق واسطته (¬7) وسطته، أن العبد بين لمتين (¬8) منهما يجتذبه (¬9)، كل (¬10) واحد (¬11) إلى جهته، ويحاول (¬12) وضعه في حصته، وتحصيله في زمرته.
والرب قد أحكم العاقبة بحكمته، وأظهر هذا التدبر بقدرته، وأنشأ فيه العقل والهوى، وخلق له الضلالة والهدى، وشرح (¬13) له النجدين استدراجا ليرد، وشرع له الدين منهاجا ليقارب ويسدد، وجعل (¬14) على كل واحد من الطريقين علما، ونصب عليه مناديا، فمنهم من تعرف فأجاب وعرف، ومنهم من صدف فأبى وحرف، والخير والشر مقرونان في قرن (¬15)، والعقل والهوى معقودان في شطن (¬16)، والدليل والشبهة يتجاذبان (¬17) في
¬__________
(¬1) ج: الأثنية.
(¬2) ب، ج، ز: امتحالا، وأثبت الشيخ ابن باديس في المتن كلمة "اختفاء" بدل "امتحالا" التي هي في متن المخطوط الذي اعتمد عليه.
(¬3) ب، ج، ز؛ - قبولا، وإباء.
(¬4) ج، ز: يرفعه.
(¬5) ب، ج، ز: وتنفرد.
(¬6) ج: الفرقان.
(¬7)، بواسطته.
(¬8) لمتين مثنى لمة، وهي الشدة، والشعر المجاور شحمة الأذن والمراد به هنا الخاطرة.
(¬9) ب: تجتذبه.
(¬10) ج: وكل.
(¬11) ب: واحدة.
(¬12) ب: وتحاول.
(¬13) د: وشرع.
(¬14) ب، ج، ز: + له.
(¬15) الحبل المفتول من لحاء الشجر.
(¬16) الحبل الطويل.
(¬17) ب، ج، ز: يتحاربان، وعلق ابن باديس في الهامش على ذلك بـ (أو يتجاريان).

الصفحة 8