كتاب أصول الفقه - ابن مفلح (اسم الجزء: 3)

للفقهاء والحكام في الجدل الحكمي، وقد (١) ذكر ابن عقيل (٢) في الجدل: أن الجواب إِذا زاد أو نقص لم يطابق السؤال؛ لعدوله عن مطلوبه، ويجيب قوم بمثله ويعدونه جوابا، ولو سئل عن المذهب فذكر دليله فليس بجواب محقق، كما لا يخلط السؤال عن المذهب بالسؤال عن دليله، كقوله: "مذهبي كذا بدليل كذا"، فإِن قال: "والدليل عليه كذا" فهو الإِتباع بجواب ما لم يسأل عنه، كالخلط بما لم يسأل عنه. والصحيح خلاف هذا، وعليه عمل أكثر الجدليين (٣). والله أعلم.
* * *
فأما الجدال: فمأمور به لقصد الحق، دل عليه القرآن (٤)، وفعله الصحابة والسلف، وذكره بعضهم إِجماعًا.
وقال البربهاري من أصحابنا: المسترشد (٥) كَلَّمه وأَرْشده، والمناظر احذره، في المناظرة المراء والجدال والغلبة والخصومة والغضب، وتزيل عن
---------------
(١) نهاية ٢٢٠ ب من (ب).
(٢) انظر: الواضح ١/ ٦٣ ب- ٦٤ أ.
(٣) انظر: المسودة/ ٥٥١.
(٤) قال تعالى: (وجادلهم بالتي هي أحسن) سورة النحل: آية ١٢٥. وقال تعالى: (قل هاتوا برهانكم) سورة البقرة: آية ١١١.
(٥) قال هذا في كتابه "شرح كتاب السنة" الذي أورد صاحب "طبقات الحنابلة" مقتطفات منه عند الكلام على ترجمته. وانظر ما قاله هنا في الطبقات ٢/ ٣٩، ٤٣.
وانظر: الآداب الشرعية للمؤلف ١/ ٢٢٩، ففيها ما نقل هنا بعبارة أوضح وأوفى.

الصفحة 1411