كتاب أصول الفقه - ابن مفلح (اسم الجزء: 1)

والمعذور بالسكر كالمغمى عليه، فدل ذلك أن السكر لا يزيل العقل، لكنه يغطيه، كالنوم والإِغماء، وقاله (هـ) (١) وغيرهم، وفي كلام أصحابنا خلافه.

مسألة
المكره (٢) المحمول كالآلة غير مكلف (هـ)، وهو مما لا يطاق.
---------------
(١) انظر: كشف الأسرار ٤/ ٣٥٤.
(٢) في هامش (ظ): دل كلام المصنف على أن المحمول كالآلة -مثل: الملقى من شاهق ونحوه، مما لا يقدر على الامتناع- مكلف عند أبي حنيفة، وذكر ابن قاضي الجبل في أصوله: أنه غير مكلف إِجماعاً.
ولذلك: البيضاوي الشافعي جزم بأن الإِكراه الملجئ يمنع التكليف لزوال القدرة.
قال الأسنوي: وهذا القسم لا خلاف فيه، كما قال ابن التلمساني. ثم قال: واختار الإِمام والآمدي وأتباعهما التفصيل بين الملجئ وغيره -كما اختاره المصنف- لكنهما لم يبينا محل الخلاف، وقد بينه ابن التلمساني كما تقدم.
قال الأسنوي: الإكراه قد ينتهي إِلى حد الإلجاء، وهو: الذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار، كالإلقاء من شاهق.
وقال الطوفي: الإِلجاء أن لا يصح منه الترك، كمن ألقي من شاهق على إِنسان أو مال، فأتلفه، أو صائم مكتوف ألقي في الماء، فدخل الماء حلقه.
وقال الآمدي: "اختلفوا في الملجأ إِلى الفعل بالإكراه بحيث لا يسعه تركه، في جواز تكليفه بذلك الفعل إِيجاداً وعدماً.
والحق: أنه إِذا خرج إِلى حد الاضطرار -وصار نسبة ما يصدر عنه من الفعل إِليه كنسبة حركة المرتعش إِليه- أن تكليفه به إِيجادًا وعدمًا غير جائز، إِلا على القول بتكليف=

الصفحة 289