كتاب أصول الفقه - ابن مفلح (اسم الجزء: 2)

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
---------------
=يكون حجة عليه دون غيره، لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به حجة عليه فقط)، فيكون معناه أن غيره تجوز له مخالفته لكونه غير حجة عليه، وأن الفاسق لا تجوز له مخالفته لكونه حجة عليه، وهذا: إِن أراد به أن الإجماع انعقد بالفاسق فقط -بمعنى أنه لم يكن في الأمة مجتهد غيره، وقال ذلك القول، وجعلناه إِجماعًا- فإذا حصل بعد ذلك مجتهد غيره جاز له مخالفته، فهذا في نفسه واضح، مع أنه ظاهر عبارته لقوله: (فالإجماع الذي انعقد به)، فظاهر هذه العبارة أنه انعقد به فقط، لكن تفسير هذا القول بهذا المعنى بعيد، وكذلك تفسيره بهذا المعنى والمعنى الذي ذكرناه عن الآمدي والأصفهاني -أعني إذا فسر بالمعنيين جميعًا- فإِنه بعيد أيضًا؛ لأن المسألة ليست مفروضة في كلامهم في ذلك، وإينما هي مفروضة في كلامهم في أنه هل ينعقد إِجماع المجتهدين غيره بدونه أو لا بد من موافقته، مع أن كلامه إِذا فسر بذلك يكون قد فسر القول بغير ما فسروه به وترك ما فسروه به، ومثل المصنف لا يترك هذا التفسير مع شهرته وكثرته ويعدل إِلى ما لم يذكره أصحاب هذه الكتب المثسهورة، فإِن كان رآه لأحد فكان اللائق إِذا ذكره أن يذكر ما فسره به أصحاب هذه الكتب أيضًا، وإن كان أراد التفسير الذي ذكره الطوفي في شرحه فالذي أجزم أنه سهو فاحش ما أظن أحدًا يقوله "فإِنه قال: (ومثاله لو اجتمع مع بقية المجتهدين على تحريم بيع أم الولد -أو تحريم الجمع بين الأختين بالوطء بملك اليمين، أو أن المطلقة ثلاثًا لا يحلها للأول مجرد عقد الثاني عليها، أو على تحريم الثعلب ونحوه- كان ذلك الإجماع حجة عليه حتى لو ظهر له دليل الإِباحة لم يجز له المصير إِليه مؤاخذة له بإِقراره بالتحريم، ولو ظهر لغيره من المجمعين دليل الإباحة جاز له المصير إِليه؛ لأن الإِجماع لم يكمل بالنسبة إِليه فلا يؤاخذ بإِقرار غيره عليه بالتحريم) فانظر إِلى هذا التفسير الذي فيه أن إِجماع المجتهدين يجوز لأصحابه العمل بخلافه لكون الفاسق وافقهم. فالذي يظهر لي: أن مثل هذا=

الصفحة 401