254…
((مصلحو الأواني الزجاجية))
نظرا لأن الأواني الصينية والزجاحية كانت نادرة الوجود وان وجدت فهي غالية الثمن، لذا يتوجب على اي عائلة من عوائل المدينة المنورة المحافظة على موجوداتها من الاواني الصينية أو الزجاجية على قدر الامكان، فلو حصل أن قطعة منها انشعرت او انكسرت فلا يمكن استبدالها بغيرها لندرتها وعدم وجودها. لذا اتجه بعض الوافدين الى المدينة المنورة من الأخوة البخارية الهاربين من جور المستعمرين لبلادهم في السنوات الماضية فكانوا يهربون من بلادهم بأرواحهم خوفا على دينهم تاركين كل املاكهم فيصلون الى المدينة المنورة وهم فقراء لا يملكون من حطام الدنيا شىء. ومن المعروف ان هذا الجنس من الأخوة المسلمين لا يسألون الناس حتى ولو ماتوا جوعا فكان عليهم البحث عن وسيلة يسترزقون منها ليعيشوا بين المواطنين مرفوعي الرأس. ولما كانت لديهم خبرة في اصلاح القطع الصينية او الزجاحية المشعورة او المكسورة ومكتملة القطع فكانوا يقومون بهذه المهنة وهي عبارة عن خرم الصيني او الزجاج من طرفي الكسر وتركيب مشبك من المعدن عليه ومن ثم وضع مادة (السبيداج مع بياض البيض) على الشبك وتركه لفترة قصيرة فيكون قد جف واصبحت القطعة المكسورة سليمة ويمكن استعمالها بدون اي عيب فيها الا منظر المشبك وذلك مقابل مبلغ زهيد. وبما ان براريد (أباريق) الشاي في المقاهي كلها من الصيني لذلك كان القهوجية هم اكثر العملاء لمصلحي الصيني. وعندما بدأ التطور تلاشت هذه المهنة لعدم الاهتمام بالقطع الصينية التي تتعرض للكسر فيكون مصيرها الرمي في الزبالة واستبدالها بقطعة جديدة لأنها أصبحت متوفرة وبأسعار عادية. فله الحمد ومزيد الشكر على نعمائه وافضاله العديدة التي لا تعد ولا تحصى.…