كتاب صور من الحياة الاجتماعية في المدينة

8…
فودعته وانصرفت ومن دهشة الموقف لم آخذ العنوان ولا اسم الرجل، وبعد انصرافي تعسر علي الخروج من ازقة ذلك الحي حتى أني لم استطع الوفاء بالوعد لمواجهة الرجل مرة اخرى، فقد حضرت في اليوم التالي وحاولت عبثا ان اتعرف على الدار ولكن لم اوفق لذلك، فاسفت أشد الأسف، ولكن من فضل الله علي أنه عوضني بعد أيام عن ذلك بمقابلة شيخ آخر من دمشق وهو إمام لأحد مساجدها لم يترك الحج والزيارة على حد قوله منذ خمسين عاماً، يأتي في كل عام مرة او مرتين، وحين قابلته أول ما عملته كتبت اسمه عندي حتى لا أقع في مثل الخطأ الأول، واسم هذا الشيخ هو ((ياسين المالح)) وقد استفدت من حديثي معه أشياء كثيرة عن معالم المدينة المنورة ورجالها وعاداتها وتراثها، حتى أن اسماء مواقع كثيرة كنت أبحث عنها منذ مدة وما وجدت ضالتي فيها الا عند هذا الرجل، هذه قصتي في صيف العام الماضي، وعلاقتها بهذا الكتاب هو اني حين عدت من رحلتنا الصيفية زارني الأستاذ الكريم مؤلف هذا الكتاب السيد / ياسين أحمد ياسين الخياري، وعرض علي رغبته في تأليف كتاب عن الأوضاع الاجتماعية للمدينة المنورة في الماضي القريب الذي عاصره في بداية نشأته، مع ذكر الحرف المنتشرة وقتها وأصحابها الى جانب وصف عمراني على غرار ما قام به الشيخ علي موسى الأفندي في رسالته في وصف المدينة عام 1303 هـ والتي اهتم بنشرها الشيخ حمد الجاسر، متمما بعض الشيء للكتاب الذي أخرجناه لوالده السيد احمد ياسين الخياري ((تاريخ معالم المدينة المنورة قديما وحديثا))
. لقد صادف هذا العرض هوى في نفسي من جراء لقاءاتي بالشام فأجبته الى ذلك وأبديت استعدادي بالتوجيه والتصحيح والمشاركة، واشرت عليه بسرعة العمل لأن الاستقصاء الدقيق يطيل زمن الأخراج، ووجهته الى عدم التكلف لنعطي مجالا للمستقبل في استثارة من لهم اهتمام وصدق انتماء فيكون لهم دور في تطوير هذا الكتاب، لأني أردت أن تكون ولادة الكتاب من المؤلف ومني ولكن تربيته وتطويره وتهذيبه يكون من الجميع من الذين يتحينون خدمة هذا البلد، فتكون لهم الفرصة في هذا الكتاب بتغذيته بكل مايريدون أضافته أو تعديله أو دعمه بصور ومخططات وغير ذلك. والكتاب في جوهره يعتبر وثيقة أسرية مستقبلية للمدينة المنورة وأهلها. إلا أني أود من القارئ الكريم أن يراعى حين قراءته الملحظات التي سأذكرها وان يستجيب لها مشكورا لعل هذه الاستجابة تسعفنا مستقبلا في تقويم ما اعوج وتصحيح ما اخطأنا فيه.…

الصفحة 8